في النصوص القديمة، يروي سفر الخروج أنه حين غاب موسى لميقات ربه، طلب بنو إسرائيل من هارون أن يصنع لهم إلهاً يعبدونه، فجمع حليّهم وصاغ منها العجل الذهبي.
فلما عاد موسى ورأى القوم في غيّهم، أمرهم قائلاً:
> "ضعوا كل واحد سيفه على فخذه، ومرّوا وارجعوا من باب إلى باب في المحلة، واقتلوا كل واحد أخاه، وكل واحد صاحبه، وكل واحد قريبه"،
فكان أن سقط ثلاثة آلاف رجل بسيوف إخوانهم،في مشهد رسموه هم في التوراة كيف ان الانحراف عن الحق ادى الى القتال الداخلي وما اشبه الليله بالبارحة
واليوم، وبعد آلاف السنين، تتكرر الحكاية بصورة أخرى… بنيامين نتنياهو، الذي يزعم قيادة إسرائيل نحو "الحلم التوراتي" بإقامة إسرائيل الكبرى وبناء الهيكل قبل نهاية 2025، إنما يقود شعبه إلى مغامرة الهلاك.
فسياساته العدوانية في قطاع غزة، وتوتيره الجبهات في جنوب لبنان وسوريا، وتهديداته بضم أجزاء من الأردن ومصر، ليست سوى طبول حرب تُقرع نحو كارثة مؤكدة، لا "وعداً مقدساً
إن ما يعيشه الكيان الصهيوني الآن هو لعنة العقد الثامن، التي لم ترحم أي كيان استعماري في التاريخ، بل كانت بداية أفوله.
نتنياهو لا يبني أمناً، بل يضع الأسس لاقتتال داخلي، ويقود إسرائيل إلى "أيلول أسود" جديد، حيث لا حصانة لتل أبيب ولا ضمانة لبقائها.
> ومن يصنع الأوثان يوماً لن ينجو من لعنة الدهر،
كما العجل في الماضي… هكذا العجل في الحاضر ينحر أهله.
والحقيقة أن "إسرائيل الكبرى" التي يتغنى بها نتنياهو ليست إلا أحلام يقظة، وأوهاماً يبيعها لجمهوره كي يبرر جرائمه.
أما على الأرض، فالواقع يزداد انكشافاً، والكيان يعيش عزلة سياسية، ويمشي بخطى ثابتة نحو حافة الهاوية.
> ﴿إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ﴾ [البروج:12]
إنه زمن الزوال، حيث تتحول تل أبيب من مدينة تدّعي القوة، إلى توابيت تُحمل على أكتاف التاريخ، كما حمل بنو إسرائيل سيوفهم على بعضهم في زمن العجل الذهبي… التاريخ لا يرحم، وسنن الله لا تتبدل.