في الحياة، يندر أن نصادف رجالًا يجمعون بين صفاء القلب وحكمة العقل، بين الصرامة القيادية والإنسانية الرفيعة، ليصبحوا علامات مضيئة لا تتكرر. هؤلاء لا يمرّون مرور العابرين، بل يتركون أثرًا خالدًا يزداد رسوخًا مع الأيام، ويظل ذكرهم مقرونًا بالاحترام والإجلال.
من بين هذه النماذج المشرقة يبرز اسم العقيد الركن المتقاعد عطا عبدالرحمن مرجي العريمي العجارمة، الذي كان مثالًا للقائد المحترف والمثقف الواعي. خدم في مواقع الشرف والبطولة، ومن بينها قيادته لكتيبة استطلاع الجنوب، حيث أظهر انضباطًا صارمًا، ورؤية استراتيجية دقيقة، وحسن إدارة جعلت منه قائدًا يُحتذى به.
لم يكن تميّزه محصورًا في الميدان العسكري، بل امتد إلى الفكر والثقافة، فقد كان واسع الاطلاع، يملك مكتبة عامرة بالكتب القيّمة، جعل منها منارة لكل باحث عن المعرفة. كانت نظرته الثاقبة وحكمته المستمدة من التجارب زادًا لكل من عمل معه أو تعلّم على يديه.
إنه رجل جمع بين قوة القرار ورقة المشاعر، بين الانضباط العسكري وسعة الأفق الثقافي، وبين الوفاء للأرض والإخلاص للواجب. سيظل اسمه محفورًا في ذاكرة من عرفوه، وعنوانًا للقيادة الحقيقية التي لا يطويها النسيان.