في تحول خطير يعكس توسّع نشاط جماعة الحوثي في الجريمة المنظمة، كشفت مجلة ناشيونال إنترست الأمريكية عن تورط الجماعة المدعومة من إيران في تجارة الكبتاغون، المخدر الذي ارتبط طويلاً بنظام الأسد في سوريا، لتفتح بذلك فصلاً جديداً من اقتصاد الحرب الذي لا تقف حدوده عند السلاح، بل تمتد إلى تجارة السموم.
وتحت عنوان "الحوثيون يقتحمون تجارة المخدرات"، قالت المجلة إن الجماعة تسعى لاستغلال فراغ السوق الإقليمي الذي خلفه انكماش إنتاج الكبتاغون في سوريا، مشيرة إلى أن اليمن بات في طريقه للتحول إلى مركز إنتاج جديد لهذا المخدر شديد الخطورة، والمربح في آن.
ووفقاً للمجلة، فإن الحوثيين يسعون إلى توسيع حصتهم السوقية من تجارة الكبتاغون، عبر استهداف السوق الخليجية، مستفيدين من الحدود الطويلة سهلة الاختراق مع السعودية. وبلغ سعر الحبة الواحدة في السوق السعودية بين 6 و27 دولارًا، ما يجعلها مصدر دخل مغرٍ لتمويل الجماعة وتسليحها.
وأشارت المجلة إلى أن الحوثيين باتوا ينتجون الكبتاغون بأنفسهم داخل اليمن، بعد أن انحسر الإنتاج السوري بعد سقوط النظام الموالي لإيران. وقد ضبطت الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً خلال يوليو الماضي أكثر من 1.5 مليون حبة كبتاغون كانت في طريقها إلى السعودية من مناطق الحوثيين، إضافة إلى شحنات أخرى بلغت عشرات الآلاف.
كما أوردت المجلة معلومات مستقاة من فريق الأمم المتحدة المعني باليمن، أكدت تزايد نشاط تهريب المخدرات داخل البلاد، مستشهدة بعملية ضبط كبيرة في ميناء عدن، حيث اكتُشفت شحنة مخدرات مخبأة داخل حاوية سكر على متن سفينة قادمة من البرازيل، وانتهت بإدانة شخص مرتبط بالحوثيين بالسجن 25 عامًا، خُففت لاحقًا إلى 12 عامًا.
التحقيقات الأممية وتقارير الأجهزة الأمنية اليمنية أكدت ضلوع الحوثيين المباشر في تهريب هذه الشحنات، كما أشار مدير أمن عدن، مطهر الشعيبي، في يونيو 2025، إلى أن الجماعة أنشأت مصنعًا لإنتاج الكبتاغون في مناطق سيطرتها، وهو ما أكده أيضًا وزير الإعلام اليمني، معمر الإرياني، لافتًا إلى تنسيق مباشر مع النظام الإيراني.
وفي الوقت الذي لا تزال فيه الكميات المضبوطة من الكبتاغون في اليمن صغيرة مقارنة بمراكز الإنتاج الكبرى في الشرق الأوسط، فإن المؤشرات، بحسب المجلة، تدل على أن الجماعة تخطط لزيادة حصتها من هذه السوق، عبر إنتاج وتوزيع منتظم داخل اليمن وعبر حدوده.
بدورها، شددت السفارة الأمريكية لدى اليمن في بيان سابق على أهمية العمليات التي تنفذها السلطات اليمنية لحرمان الحوثيين من مصادر تمويلهم غير المشروعة، مؤكدة استمرار دعم واشنطن لجهود الحكومة اليمنية في هذا الصدد.
وبينما تحذر المجلة الأمريكية من ظهور اليمن كمركز بديل لإنتاج الكبتاغون بعد سوريا، فإنها تدعو صانعي القرار في واشنطن إلى تحديث استراتيجيتهم في مواجهة تجارة المخدرات العابرة للحدود، وتوسيع العقوبات، وتفعيل الأدوات التي تكفل كبح انتشار هذا "الاقتصاد القاتل".