في مدينة العلم والضياء، في قلب الجامعة الأردنية، لا يُذكر اسم الدكتور فادي الجبور إلا وتُحاط القلوب بهيبة ووقار. ليس لأنه أستاذ شريعة فحسب، بل لأنه قصة مختلفة، تبدأ من بيتٍ أردنيّ أصيل، وتكبر مع صوت القرآن في سمع طفل لم يتجاوز العاشرة... فأتمّه حفظًا، قبل أن تُكمل يده كتابة الحروف جيدًا.
نعم، في سن العاشرة كان فادي قد أتمّ ما يعجز عنه الكثير من الرجال، حفظ كتاب الله كاملاً، وتلك كانت البذرة الأولى لنهرٍ طويل من العلم، لم يجفّ يومًا.
كبر الطفل، وكبر معه الحلم، فكان الأول دائمًا في دراسته، حتى دخل كلية الشريعة في الجامعة الأردنية، ومنها تخرج بتفوق لافت، محققًا المراتب الأولى. لم يكن يسعى وراء شهادة يعلّقها على الجدران، بل وراء علمٍ يُنقذ به العقول من ضياع الجهل.
نال الدكتوراه في الشريعة الإسلامية، متخصّصًا في أصول الفقه، وكان له باعٌ في تطوير مناهج الفقه والفكر الإسلامي، وكتب أبحاثًا علمية رصينة نوقشت في مؤتمرات دولية، وتم اعتماده محكّمًا للعديد من الرسائل العلمية داخل الأردن وخارجه.
لكن الإنجاز الأعظم لم يكن في الأوراق، بل في القلوب. ففي مدرجات الجامعة، يقف طلابه إجلالًا له، لا لخوف، بل لحب. يعلّمهم كيف يكون الفقيه إنسانًا، وكيف تكون الشريعة حياة لا أحكامًا جامدة. يُحسن الإصغاء، ويحتضن الأسئلة مهما كانت شائكة، ويردّ بعلم، لا بانفعال، وبثبات من خبر الطريق.
له مشاركات إعلامية وصوت معتدل في زمن الغلو، ويُعتبر من الوجوه العلمية الشابة المؤثرة، يجمع بين الحفظ والفهم، بين التراث والمعاصرة، بين حزم العلماء ولين الدعاة.
وما تزال الجامعة الأردنية تفتخر بأن بين جدرانها رجلًا حفظ القرآن صغيرًا، وعلّمه كبيرًا. رجلٌ يجلس على كرسي العلم، لا ليتعالَى، بل ليضيء. وإن سألوك عنه، فقل:
ذاك ابن القرآن، وشيخ الفقه، وصوت العقل… الاستاذ الدكتور فادي الجبور أبا سعود..