يأتي الصيف حاملاً معه حرارة الطقس وحرارة الفرح بالنجاح، فنشهد خلاله، إلى جانب المناسبات الاجتماعية كحفلات الخطوبة والزفاف، احتفالات التخرّج الجامعي وإعلان نتائج الثانوية العامة، التي تُعد الحدث الأبرز في شهر آب "اللهاب"، لما تمثله من نقطة انطلاق جديدة في حياة الطلبة وأسرهم، بعد سنوات من الجد والاجتهاد.
ومن الطبيعي أن يعمّ الفرح البيوت والساحات، فالنجاح ثمرة تعب طويل، وإنجاز يستحق التقدير والاحتفال. ولكن في خضم هذه المشاعر الجياشة، تظهر سلوكيات احتفالية سلبية تؤثر سلبًا على المجتمع وراحة الآخرين، وتتنافى مع قيم المسؤولية واحترام النظام العام.
ومن أبرز هذه السلوكيات ما نشهده من مواكب السيارات التي تجوب الشوارع، فتُطلق أبواقها بصخب، وتُغلق الطرق أمام المارة، مسببة فوضى مرورية وإزعاجًا كبيرًا للناس. والأسوأ من ذلك، ظاهرة إطلاق العيارات النارية، التي ما زالت تُمارَس رغم خطورتها الشديدة، إذ تسببت في حوادث مأساوية أودت بحياة أبرياء لم يكونوا طرفًا في أي احتفال، بل شاء قدرهم أن يكونوا في المكان الخطأ والزمان الخطأ.
إن الفرح لا يُقاس بدرجة الضجيج، ولا يُعبَّر عنه بإيذاء الآخرين، بل يُجسَّد في السلوك الحضاري، والاحتفال المسؤول، والاحترام المتبادل. فالنجاح الحقيقي ليس فقط في نيل الشهادة، بل في ترجمة هذا الإنجاز إلى وعي وانضباط وسلوك راقٍ، يعكس نضج الشخص وأخلاقه.
وهنا تبرز مسؤولية المجتمع بأكمله في التوعية والضبط؛ بدءًا من الأسرة التي تُربي، والمدرسة التي تُوجه، والإعلام الذي يُؤثر، وانتهاءً بالقانون الذي يجب أن يُطبق بصرامة على كل من يُهدد أمن وسلامة الناس، مهما كانت دوافعه.
فلنفرح، نعم. ولكن بوعي. ولنحتفل، ولكن دون أن نُقصي الآخرين من حقهم في الأمن والراحة. ولنجعل من لحظات النجاح محطات إشراق حقيقية، لا لحظات ندم أو فقد٠