رجل يخرج من بيننا كرجل من رجالٌ كأنهم وُجدوا ليذكّرونا أن السلطة لا تقتل اللين، وأن المسؤولية لا تعني الجمود.
حسين باشا الحواتمة… اسمٌ لا يمرُّ مرور الكرام، بل يلامس القلب قبل أن يُذكر في مجالس الكبار.
قد تراه للمرة الأولى، لكنك تشعر أنك تعرفه منذ زمن ملامحه تشي بالصدق، وحديثه يحمل دفء الأب، وخطواته تدل على رجلٍ عاشر الناس ففهمهم، لا من برجٍ عالٍ، بل من تراب الوطن وميدانه.
ما يميّز هذا الرجل ليس تاريخه الأمني العريق فقط، من القوات الخاصة إلى قيادة الأمن العام، بل ما يظل في الذاكرة هو تلك المواقف الصغيرة التي لا تلتقطها الكاميرات… لكنها تزرع في النفوس أثراً لا يُنسى.
في زيارةٍ غير رسمية، مرّ حسين باشا ذات يوم بمركز الهدبان لذوي الاحتياجات الخاصة، ذاك المكان الذي يضم قلوبًا كبيرة بأجساد صغيرة، وعند بابه التقى الطفل ياسين الهدبان لم تكن هناك مراسم ولا تغطيات إعلامية، بل كانت لحظة إنسانية خالصة، جمعته بنظرة حنونة، وهمسة طيبة، وصورة اختزلت فيها كل معاني الرحمة والرقي.
ياسين لم يكن يعرف من هو هذا الرجل. لم يكن يعرف رتبته ولا تاريخه. لكنه ابتسم له من قلبه، لأن قلب حسين باشا سبقه إلى قلب الطفل.
حين نتحدث عن المسؤولية، فإننا نحتاج لأن نضع صورًا كهذه أمام الأجيال. وحين نبحث عن "الرجل الإنسان"، نجد أمثال حسين الحواتمة، ممن لا تغرهم الألقاب، بل يحملون الوطن وأهله في صدورهم، ويُصرّون أن يظلوا قريبين من الناس، مهما علت المناصب وتبدلت المواقع.
الرجل اليوم رئيس لموقع سيادي كبير، لكن "الإنسان فيه" لم يغادر يومًا…
فشكرًا لحسين باشا، على دروسه غير المُعلنة في الإنسانية،
وعلى إنحيازه الدائم لما هو إنساني… قبل أن يكون رسميًا.