أثار تصريح محافظ جرش الدكتور مالك خريسات نيّته "لبس الفوتيك والنزول إلى الأسواق" تفاعلات لافتة، بين من رأى في الخطوة دلالة على الجدية والميدان، ومن اعتبرها مشهداً رمزياً لن يُفضي إلى تغيير فعلي في واقع الأسواق.
كصحفي تابعت محافظي جرش منذ عام 1996، أستطيع القول إن أنماط الحضور الإداري اختلفت كثيراً بين من حمل همّ الناس فعلاً، ونزل إلى الميدان بلا ضوء كاميرات، وبين من اختار المكاتب وعاش في عزلة عن الواقع.
ومن المهم التذكير هنا بأن أول من لبست "الفوتيك" في جرش كانت المحافظ رابحة الدباس، وهي أول امرأة تتولى منصب محافظ في الاردن وهي سلطية بالمناسبة، أي بلديات المحافظ الحالي نفسه كما يُقال. لم تكتفِ الدباس بالرمزية، بل نزلت إلى الأسواق، وسعت بجهد حقيقي إلى إعادة التنظيم وضبط الفوضى، وفرضت حضوراً محترماً بين الناس، رغم ما واجهته من عقبات بيروقراطية وتشريعية أحيانًاً.
التجربة علّمتنا أن الأسواق ليست مكانا للفوتيك وحده، بل ميدانا حقيقيا يختبر فيه الأداء الإداري، وتُقاس فيه قدرة الدولة على فرض النظام، والعدالة، والنظافة، والرقابة الصحية، والتنظيم الحضري. ولبس الفوتيك، رغم رمزيته، لا يعني شيئا إن لم يُترجم إلى مسار واضح وإرادة فعلية.
المواطن لا ينتظر المشهد، بل النتيجة. فإن كان هذا الإعلان تمهيدا لنهج جديد في الإدارة الميدانية، فإن جرش سترحّب به. أما إن كان مجرد تصريح عابر، فسيمر كما مرّت غيره من العبارات، ويظل السوق كما هو، ويُعلّق الفوتيك في خزانة الصور لا الواقع.