في ظل تصاعد التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها الشباب الأردني، تبرز أزمة خفية لا تحظى بالاهتمام الكافي، وهي الضغوط النفسية وتراجع العناية بالصحة العقلية، لتشكل أزمة صامتة تهدد مستقبل الأجيال القادمة.
واقع مثقل بالأعباء
تشير التقارير المحلية إلى أن ما يزيد عن 45% من خريجي الجامعات يعانون من البطالة أو يعملون في مجالات لا تمت بصلة إلى تخصصاتهم، مما ينعكس سلبًا على صحتهم النفسية ويزيد من مشاعر الإحباط والعزلة وفقدان الحافز.
صمت ثقافي ووَصمة مجتمعية
رغم انتشار المعاناة النفسية، لا يزال العديد من الشباب يحجمون عن طلب المساعدة، نتيجة الخوف من "وصمة العار" المجتمعية المرتبطة بمشاكل الصحة العقلية، في ظل مفاهيم راسخة تعتبر المعاناة النفسية ضعفًا أو نقصًا في الإيمان.
وسائل التواصل... مرآة مشوهة
تلعب وسائل التواصل الاجتماعي دورًا إضافيًا في تفاقم الأعباء النفسية، من خلال تصدير صورة مثالية لحياة الآخرين، مما يدفع الشباب إلى المقارنة السلبية والشعور بالتأخر أو الفشل، ويعزز من التوتر والقلق.
غياب البنية المؤسسية الداعمة
ورغم وجود مبادرات مجتمعية محدودة، إلا أن الأردن لا يزال يعاني من نقص كبير في مراكز الدعم النفسي، خاصة تلك التي تعنى بالشباب. كما أن غياب التثقيف النفسي في المدارس والجامعات يعمق الفجوة بين الحاجة إلى الدعم وتوفُّره.
نحو حل وطني متكامل
إن التعامل مع هذه الأزمة يتطلب إرادة وطنية ومجتمعية مشتركة، تبدأ من التوعية الشاملة، مرورًا بتعزيز البنية التحتية للدعم النفسي، ووصولًا إلى دمج الصحة النفسية ضمن أولويات السياسات الشبابية والتعليمية.
ومن أبرز التوصيات:
إطلاق حملات توعوية لإزالة الوصمة عن الصحة النفسية.
تأسيس مراكز دعم نفسي جامعية ومجتمعية.
دمج التثقيف النفسي في المناهج التعليمية.
دعم المبادرات الشبابية التي تعزز الحوار حول الصحة النفسية.
فإن تجاهل الضغوط النفسية التي يعاني منها شباب الوطن هو تجاهل لقنبلة موقوتة قد تنفجر في وجه المجتمع بأسره. فالصحة النفسية ليست رفاهية، بل ضرورة لبناء جيل قادر على المساهمة في تنمية وطنه بثقة وثبات.