وسط التوسع الصناعي السريع في الأردن، تتصدر منطقة سحاب المشهد باعتبارها القلب الصناعي النابض للبلاد. لكن هذا النبض، رغم ما يضخه من فرص اقتصادية، لا يمكن أن يستمر بالصورة الحالية دون مواجهة السؤال الأهم في عصرنا الحديث: أين موقع الاستدامة في معادلة التنمية؟
اليوم، سحاب لا تملك رفاهية تأجيل الحديث عن الاستدامة. بل إنّ التحوّل نحو نموذج صناعي مستدام أصبح ضرورة وطنية، إن لم نقل التزامًا استراتيجيًا على أصحاب القرار في القطاعين العام والخاص.
لماذا سحاب بالذات؟
لأنها ببساطة تمثّل التحدي الحقيقي والفرصة الأكبر.
•تضم أكثر من 1600 منشأة صناعية، وتستهلك كميات ضخمة من الطاقة والمياه.
•تعاني من انبعاثات ملوثة وجودة هواء متدهورة تؤثر بشكل مباشر على السكان والعاملين.
•تواجه فجوة كبيرة في ممارسات إدارة النفايات الصناعية وإعادة التدوير.
ومع ذلك، فإنّ هذا الواقع لا يُخفي الإمكانيات غير المستغلة. فسحاب، بما تملكه من بنية تحتية صناعية قوية، يمكن أن تكون منصة للريادة البيئية إذا تم تفعيل رؤى ذكية في السياسات والتخطيط الحضري والبيئي.
ما الذي يمكن فعله؟
•تحفيز المصانع على التحول لاستخدام مصادر الطاقة المتجددة، خصوصًا الطاقة الشمسية، في ظل موقع سحاب الجغرافي الملائم.
•تطبيق معايير الاقتصاد الدائري داخل المنشآت الصناعية، وتفعيل برامج إلزامية لإعادة الاستخدام والتقليل من النفايات.
•إطلاق مشروع "سحاب الخضراء” كمبادرة وطنية تعيد تشكيل هوية المنطقة بشكل مستدام، بيئيًا واجتماعيًا.
•دمج السكان والمجتمع المحلي في برامج التوعية والمراقبة البيئية، لخلق بيئة صناعية صحية تحترم الإنسان قبل الآلة.
إلى أين نذهب؟
إنّ التغيير الحقيقي لا يبدأ بالمشاريع فقط، بل بالقناعة بأن الاستدامة ليست رفاهية، بل أداة للبقاء والتطور.
وسحاب، إن اختارت أن تتحرك الآن، ستتحول من منطقة صناعية تقليدية إلى رمز وطني للتحول الأخضر، لتكون مثالًا يُحتذى به في المنطقة.
الرسالة لأصحاب القرار:
الوقت ليس مبكرًا، بل تأخرنا بما فيه الكفاية.
المطلوب اليوم تحرك حقيقي، بسياسات واضحة، وخطط تنفيذية قابلة للقياس، وشراكات استراتيجية مع القطاع الخاص والجامعات والمجتمع المدني.
الاستدامة في سحاب ليست حلمًا بعيدًا… بل هي مشروع قابل للتحقيق، إن توفرت الإرادة