في مسيرة الأوطان نحو التقدم والرفعةِ والازدهار، تبقى الكفاءات الوطنية هي الركيزة الأهم والعنصر الأصدق والدم الأنقى في بناء مستقبل مشرق يليق بتاريخ البلاد وطموحات شعبها. فحين يُمنح أبناء الوطن من أصحاب الخبرة والعلم والحرص على المصلحة العامة المكانة التي يستحقونها في مواقع صنع القرار، تزدهر المؤسسات، وتترسخ العدالة، ويتعزز شعور الانتماء ، المواطنة والمسؤولية لدى الجميع.
الكفاءات ليست مجرد أرقام أو شهادات، بل هي نتاج سنوات من الاجتهاد والمثابرة، وهي روح وطنية مخلصة تنبض بالإرادة والعزيمة. ومن الطبيعي أن يكون تمكينها في مفاصل الدولة خطوة أساسية نحو تحقيق تنمية مستدامة تراعي حاجات الحاضر وتُبنى على أسس راسخة من التخطيط والعقلانية.
إن تمكين الكفاءات هو حق للوطن، قبل أن يكون حقًا للأفراد. لأنه حين يتصدر المشهد من يستحق، يشعر المواطن أن الدولة تحترمه، وأن الفرص تُبنى على الجدارة لا على العلاقات، أن الوطن يتّسع للجميع، وأن العطاء لا يُقاس بالمكانة الاجتماعية أو القرب من النفوذ، بل بالمقدرة والإخلاص والحرص على المصلحة الوطنية العليا.، وأن المستقبل ليس حكرًا على فئة بعينها، بل مفتوح أمام كل من يملك القدرة والرغبة في العطاء.
في الأردن، كما في كثير من الدول العربية، تزخر المجتمعات بوجوه مشرقة من أصحاب الكفاءات الذين يحملون رؤى طموحة وأفكارًا بنّاءة، ويستحقون أن يكونوا شركاء حقيقيين في صياغة السياسات وبناء الغد. فالوطن الذي يُحسن الاستفادة من طاقاته البشرية هو وطن يعرف قيمته، ويحسن استثمار ثروته الأثمن: الإنسان.
من واجبنا أن نرفع من قيمة الكفاءة، وأن نجعلها الأساس الذي يُبنى عليه التعيين والتكليف والتمثيل، لا لشيء إلا لأن في ذلك ضمانة حقيقية لعدالة القرار، وحكمة التوجيه، واستدامة التنمية. وحين يرى الشباب أن أصحاب الكفاءات يجدون الفرصة والمساحة للإسهام الفاعل، تترسخ فيهم روح الأمل ويُولد فيهم دافع الانتماء الصادق.
الوطن بحاجة إلى كل طاقة بناءة، وكل عقل نزيه، وكل يد تعمل بإخلاص. وتمكين الكفاءات ليس رفاهية، بل مسؤولية وطنية تُعبر عن احترام الدولة لأبنائها، وثقتها بما يملكونه من قدرة على الإسهام في رفعة الوطن وازدهاره.
بهذا النهج، نرسم ملامح المستقبل بثقة، ونمضي معًا نحو غدٍ أكثر عدلًا وتطورًا واستقرارًا، لوطن نريده قويًا بأبنائه، وعزيزًا بكفاءاته، ومستمرًا في عطاء لا ينضب