أكدت غرفة صناعة الأردن، أن كلف الطاقة المرتفعة ما تزال تُشكّل أحد أبرز التحديات الهيكلية التي تواجه الصناعة الوطنية، وتُقوّض قدرتها التنافسية في الأسواق التصديرية، كما تحدّ من جاذبية البيئة الاستثمارية في المملكة، مقارنة بالدول المجاورة والشركاء التجاريين الرئيسيين.
وأوضحت الغرفة، استنادًا إلى بيانات تحليلية، أن القطاع الصناعي الأردني يستهلك نحو 16% من إجمالي مصادر الطاقة، ما يجعله من أكثر القطاعات تأثرًا بتقلبات الأسعار، خاصة وأن الطاقة تُعد مدخلًا إنتاجيًا أساسيًا، يختلف أثرها على الكلف التشغيلية من قطاع إلى آخر.
وتشير تحليلات غرفة صناعة الأردن المستندة الى بيانات المسح الصناعي، إلى تفاوت واضح في أثر كلف الكهرباء على القطاعات الصناعية، حيث يُعد قطاع الصناعات البلاستيكية والمطاطية الأعلى تأثرًا، إذ تشكّل الكهرباء ما نسبته 52% من إجمالي كلف التشغيل فيه، يليه قطاع الصناعات الغذائية والتموينية بنسبة 51%، ثم الصناعات الإنشائية والخشبية والأثاث بنسبة 42% لكل منهما. كما تظهر نسب مرتفعة في الصناعات التعدينية (40%)، وصناعة التعبئة والتغليف (38%)، والصناعات الجلدية والمحيكات (39%)، بينما تسجل نسبًا أقل في قطاعات مثل الصناعات الكيماوية (18%)، الهندسية (17%)، والعلاجية والطبية (13%). وتعكس هذه الأرقام حجم العبء الذي تمثله الكهرباء على كلف الإنتاج، خاصة في الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة.
وأشارت غرفة صناعة الأردن إلى أن تعرفة الكهرباء على الأنشطة الصناعية في الأردن تُعد من بين الأعلى في المنطقة، متجاوزة مثيلاتها في دول مثل السعودية والجزائر، وتُقارب في بعض الحالات مستويات دول الاتحاد الأوروبي، رغم الفروقات الكبيرة في الدعم وتكاليف الإنتاج. وهو ما يضع الصناعة الأردنية في موقع غير تنافسي، خصوصًا عند مقارنتها مع صناعات دول مثل الهند والصين التي تستفيد من كلف طاقة أقل.
وثمّنت الغرفة الجهود الحكومية الحالية المبذولة في تحديث منظومة الطاقة وتنويع مصادرها، وخفض الكلف على القطاعات الإنتاجية، لا سيما ما يتعلق بخفض التعرفة الكهربائية وايقاف تعرفة الحمل الأقصى وتثبيت بند فرق اسعار الوقود على فواتير الكهرباء عند قيمة صفر، فضلاً ع مشاريع الربط الكهربائي، وخطط توسيع استخدام الطاقة المتجددة، واستخدام الغاز الطبيعي للصناعة.
وأكدت أن هذا المسار لا يزال يتطلب المزيد من الخطوات العملية العاجلة، وعلى رأسها الإسراع في إيصال الغاز الطبيعي إلى المدن والمناطق الصناعية وتوسعة بنيته التحتية، لما لذلك من أثر مباشر على تخفيض كلف التشغيل وتحسين كفاءة الإنتاج، حيث ان استخدام الغاز الطبيعي كبديل لمصاد الوقود الاخرى يعد من الاولويات التي لها التأثير الاكبر على كلف الطاقة في بعض القطاعات الصناعية، لا سيما كثيفة الاستخدام لمصادر الوقود الاخرى، حيث ان استخدام الغاز الطبيعي يوفر ما نسبته تقريبا حوالي 63% بالمقارنة مع كلف الديزل، وحوالي 55% بالمقارنة مع كلف الغاز البترولي المسال، وحوالي 28% بالمقارنة مع استخدام زيت الوقود في الصناعة.
كما دعت الغرفة إلى مراجعة تعرفة الكهرباء على القطاع الصناعي يتواءم مع دور الصناعة في تحفيز النمو الاقتصادي، مع إزالة القيود التنظيمية التي تعيق توسع استخدام الطاقة المتجددة، خاصة للمصانع الصغيرة والمتوسطة، فضلاً عن مراجعة شاملة للضرائب والرسوم المفروضة على كلف امداد الكهرباء للمصانع الأردنية.
وشددت الغرفة على أن معالجة ملف الطاقة يجب أن يكون على رأس أولويات الأجندة الاقتصادية الوطنية، كونه يمثل مفتاحًا استراتيجيًا لتعزيز تنافسية الصناعة الأردنية، وتحقيق مستهدفات رؤية التحديث الاقتصادي 2022–2033 في مجالات التصدير، جذب الاستثمار، وخلق فرص العمل المستدامة..