بينما أعلنت الحكومة الأردنية مطلع يوليو 2025 عن حلّ المجالس البلدية ومجالس المحافظات وأمانة عمّان، تدور تساؤلات جادة في الأوساط السياسية والمجتمعية حول حقيقة التوجه لإجراء انتخابات بلدية جديدة في الشهور المقبلة، أم أن ما يجري لا يتعدى كونه إجراءًا إداريًا مرحليًا يُخفي خلفه سيناريوهات بديلة، قد تمتد لفترة أطول مما يتوقعه الشارع.
ففي ظل تصاعد التوترات في الإقليم، من حرب غزة المفتوحة، إلى هشاشة الوضع في سوريا والعراق، وتوتر المشهد الداخلي في عدد من الدول العربية، بات من الصعب فصل السياسة المحلية عن السياق الجيوسياسي الذي يفرض أجواء من الترقب والحذر.
🎯 المجالس المؤقتة: حل بديل أم مرحلة انتقالية؟
الحكومة عينت مجالس مؤقتة لإدارة البلديات والمحافظات بعد قرار الحل. هذه المجالس، رغم وصفها بـ"المؤقتة"، تبدو فعليًا وكأنها تمارس دورًا يتعدى التسيير الإداري. فقد باشرت بعض هذه المجالس فتح ملفات فساد، ومراجعة عقود سابقة، وتجميد مشاريع مشبوهة. هذا التحرك دفع البعض إلى التساؤل: هل تمثل هذه المجالس خيارًا بديلاً طويل الأمد عن الانتخابات، في ظل غياب التوافق السياسي؟
إن الإجراءات الرقابية التي تباشرها المجالس المؤقتة حاليًا تُشير إلى محاولة حقيقية لـ"تنظيف" القطاع البلدي من إرث من الفساد وسوء الإدارة. وهو ما يراه البعض خطوة إصلاحية ضرورية، بينما يراه آخرون تمهيدًا لشرعنة استمرار المجالس المؤقتة لفترة أطول من المتوقع.
🕊️ صراعات الإقليم وتأثيرها على القرار المحلي
الواقع السياسي في المنطقة لا يمكن تجاهله. فالحرب المستمرة في غزة وتداعياتها على الأمن الإقليمي، والقلق المتزايد من أي تصعيد محتمل تجاه إيران أو لبنان، كلها عوامل تضغط على القرار الأردني. فالدولة تجد نفسها مطالبة بالحفاظ على توازن دقيق بين الاستقرار الداخلي والانخراط الإقليمي المحدود، وهو ما قد يدفع باتجاه تأجيل الانتخابات، أو حتى مراجعة شكلها ومضمونها.
وقد سبقت الأردن في ذلك بعض الدول المجاورة. ففي لبنان، مثلاً، تم تأجيل الانتخابات البلدية لأكثر من مرة بدعوى "الوضع الأمني والاقتصادي"، وكذلك في تونس التي تجمّدت فيها الحياة الديمقراطية منذ قرارات 2021. فهل يسلك الأردن الطريق نفسه أم ينحاز إلى منطق التجديد الديمقراطي؟
🔍 القانون المعدل: مفتاح أم عائق؟
قانون الإدارة المحلية الجديد ما زال في طور النقاش البرلماني، ولم يُقر بشكل نهائي. وإذا أخذنا في الاعتبار الحاجة إلى تنظيم انتخابات تتماشى مع أحكام هذا القانون، فربما نشهد تأجيلًا تقنيًا بسبب انتظار انتهاء التشريع. لكن، هل سيتحول "التأجيل التقني" إلى تعطيل سياسي طويل الأمد؟
هناك تكهنات تقول إن الحكومة قد تستخدم الملف التشريعي كذريعة مؤقتة للتهدئة، ريثما تنقشع ضبابية المشهد الإقليمي، وربما تُفاجئ الشارع بقرارات أشمل، تشمل تعديلًا وزاريًا واسعًا، أو حتى انتخابات نيابية مبكرة إذا اقتضت الضرورة.