أفرجت فرنسا الجمعة، عن الناشط اللبناني المؤيد للفلسطينيين جورج إبراهيم عبد الله، الذي أدين بالتواطؤ في اغتيال دبلوماسيَّيْن أمريكي وإسرائيلي في ثمانينيات القرن الماضي، بعدما أمضى 41 عاماً في السجون، واستقل طائرة متجهة إلى بيروت.
وكانت قد أصدرت محكمة الاستئناف في باريس الأسبوع الماضي قرارها بالإفراج عن الناشط اللبناني "في 25 يوليو/ تموز"، شرط أن يغادر فرنسا وألّا يعود إليها.
وحُكم على عبد الله، سنة 1987 بالسجن مدى الحياة بتهمة الضلوع في مقتل الملحق العسكري الأمريكي تشارلز روبرت راي والدبلوماسي الإسرائيلي ياكوف بارسيمانتوف في باريس عام 1982.
والاثنين، أعلنت النيابة العامة في باريس التقدّم بطعن أمام محكمة التمييز في قرار محكمة الاستئناف، لكن هذا الطعن الذي يستغرق البتّ فيه أسابيع عدة، لا يعلق تنفيذ الحكم، بالتالي لا يمنع عبد الله من العودة إلى لبنان.
واعتبر قضاة محكمة الاستئناف أن مدة احتجازه "غير متناسبة" مع الجرائم المرتكبة ومع سِنّ القائد السابق لـ"الفصائل المسلحة الثورية اللبنانية".
وجاء في الحكم أن عبد الله بات "رمزاً من الماضي للنضال الفلسطيني"، مشيراً إلى أن المجموعة الصغيرة التي كان يتزعمها عبد الله وتضم مسيحيين لبنانيين علمانيين وماركسيين وناشطين مؤيدين للفلسطينيين، باتت منحلّة "ولم ترتكب أي أعمال عنف منذ 1984".
وتعليقاً على قرار الإفراج عن عبد الله أبدت السفارة الإسرائيلية في باريس "أسفها" لقرار القضاء الفرنسي، وقالت في بيان إن جورج عبد الله "إرهابي مسؤول عن قتل الدبلوماسي الإسرائيلي ياكوف بارسيمانتوف على مرأى من زوجته وابنته، والدبلوماسي الأمريكي تشارلز راي. ينبغي أن يُمضي إرهابيون كهؤلاء، أعداء العالم الحر، حياتهم في السجن".
لم يُقرّ جورج عبد الله بضلوعه في عمليتَيْ الاغتيال اللتين صنفهما في خانة أعمال "المقاومة" ضد "القمع الإسرائيلي والأمريكي" في سياق الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990) والغزو الإسرائيلي لجنوب لبنان عام 1978.
وجاء في الحكم أن عبد الله بات "رمزاً من الماضي للنضال الفلسطيني"، مشيراً إلى أن المجموعة الصغيرة التي كان يتزعمها عبد الله وتضم مسيحيين لبنانيين علمانيين وماركسيين وناشطين مؤيدين للفلسطينيين تحت اسم "الفصائل المسلحة الثورية اللبنانية"، باتت منحلة "ولم ترتكب أي أعمال عنف منذ 1984"، كما تنقل فرانس برس. وقال عبد الله خلال لقائه في زنزانته في سجن لانيميزان في جنوب فرنسا، بالنائبة عن اليسار الراديكالي أندريه تورينا في حضور وكالة فرانس برس، إن إطلاق سراحه جاء نتيجة جهود مناصريه "إذا كانوا قد وافقوا على الإفراج عني، فذلك بفضل هذه التعبئة المتنامية".
وصرّح محاميه جان لوي شالانسيه لدى خروجه من الجلسة بـ"أنه انتصار قضائي وفضيحة سياسية في آن، ألّا يكون قد خرج في وقت سابق، بسبب سلوك الولايات المتحدة وجميع الرؤساء الفرنسيين".
وصرّح شقيق المعتقل، روبير عبد الله، في لبنان، بأنه في غاية السعادة.
ونقلت فرانس برس عن روبير قوله "نحن سعداء. لم أتوقع أن يصدر القضاء الفرنسي قراراً كهذا، ولا أن يُطلق سراحه أبداً، خاصة بعد كل هذه الطلبات الفاشلة للإفراج عنه". وأضاف: "لأول مرة، تحررت السلطات الفرنسية من الضغوط الإسرائيلية والأمريكية".
وطالبت السلطات اللبنانية عدة مرات بإطلاق سراح عبد الله من السجن، وكتبت إلى محكمة الاستئناف لتؤكد أنها ستُنظم عودته إلى وطنه.
وفي السابق، رُفض 12 طلباً لإطلاق سراح جورج عبد الله، وفق فرانس برس.
من هو؟
جورج عبد الله هو الرئيس السابق للفصائل المسلحة الثورية اللبنانية.
وسُجن عام 1987 لدوره في اغتيال الملحق العسكري الأمريكي تشارلز راي والدبلوماسي الإسرائيلي ياكوف بارسيمانتوف عام 1982 في باريس، ومحاولة اغتيال القنصل العام الأمريكي روبرت هوم في ستراسبورغ عام 1984.
لطالما أصرّ على أنه ليس "مجرماً" بل "مناضلاً"
من أجل حقوق الفلسطينيين، الذين قال إنهم، إلى جانب لبنان، مستهدفون من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل.
وأمرت محكمة الاستئناف في باريس بالإفراج عنه من سجن في جنوب فرنسا في 25 يوليو/تموز، شريطة مغادرة الأراضي الفرنسية وعدم العودة إليها أبداً.
ظل عبد الله، البالغ من العمر 74 عاماً، مدافعاً شرساً عن القضية الفلسطينية والفلسطينيين.
ووصفت محكمة باريس سلوكه في السجن بأنه لا تشوبه شائبة، وقالت في نوفمبر/تشرين الثاني إنه لا يشكل "خطراً جدياً" من حيث ارتكاب أعمال إرهابية جديدة، وفق ما نقلت وكالة رويترز للأنباء.
مع ذلك، ترى وزارة العدل الأمريكية أن إطلاق سراحه "سيشكل تهديداً لسلامة الدبلوماسيين الأمريكيين".
كما استغلت واشنطن تصريحات عبد الله السابقة بأنه سيعود إلى مسقط رأسه القبيات على الحدود اللبنانية السورية كذريعة لعدم الرغبة بإطلاق سراحه، في ظل الصراع الأخير بين إسرائيل ومقاتلي حزب الله، المدعومين من إيران.
واعتبرت مجموعة الدعم للمعتقل إعلان الإفراج عنه "انتصاراً"، مبدية أملها في ألا تتم "عرقلة" هذا القرار.
وقال توم مارتن العضو في مجموعة "فلسطين ستنتصر": "إنه أولاً انتصار لجورج عبد الله نفسه الذي بقي على الدوام رغم اعتقاله أربعين عاماً وفياً لمبادئه السياسية ولهويته كناشط شيوعي معادٍ للإمبريالية"، وفق فرانس برس.
وباستثناء عدد ضئيل من المؤيدين الذين واصلوا التظاهر كل سنة أمام سجن عبد الله وبضعة برلمانيين يساريين، بات المعتقل منسياً على مر السنين بعدما كان في الثمانينيات العدو الأول لفرنسا وأحد أشهر سجنائها، تقول الوكالة.
أبدى لبنان "رضاه الكبير" عن قرار الإفراج عن الناشط، وقال القائم بالأعمال اللبناني في باريس زياد طعان لوكالة فرانس برس "ننتظره منذ وقت طويل. كان يستحق أن يفرج عنه منذ أعوام عدة"، مضيفاً أن "الدولة اللبنانية تتخذ كل التدابير لتنظيم عودته مع السلطات الفرنسية" إلى لبنان الأسبوع المقبل.ومن المتوقع بحسب عدة مصادر قبل الجلسة أن تقتاد قوات حفظ النظام الدولية عبد الله إلى مطار تارب (جنوب) قبل نقله إلى مطار رواسي في ضاحية باريس، ليستقل من هناك رحلته إلى بيروت.