في الوقت الذي خيّم فيه الصمت على العالم، وتوارى الكثيرون خلف عبارات الشجب والتنديد، كان الأردن وحده من اختار الفعل بدل الكلام، واختار أن يكون في صفّ المظلوم، لا المتفرّج.
جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، القائد العربي الأصيل، لم يقف متفرجًا على مشاهد المجاعة والدمار التي تعصف بأهلنا في قطاع غزة، بل أمر مباشرة بتنفيذ عمليات إنزال جوي للمساعدات الإنسانية، لتصل إلى من انقطعت عنهم السبل، في وقتٍ أُغلقت فيه المعابر، وقُطعت الإمدادات، وتخاذل القريب قبل البعيد.
من فوق السماء... هبطت كرامة العرب
مشهد طائرات سلاح الجو الملكي الأردني وهي تحلّق في سماء غزة المشتعلة، وتلقي بحمولات الأمل والغذاء والدواء، لم يكن مجرد عملية إغاثة، بل كان رسالة سياسية وإنسانية قوية:
أن هناك من لا يزال يحمل همّ فلسطين، ويقف مع غزة لا من باب العاطفة، بل من باب الواجب والشرف.
لقد كسر الأردن الحصار بأجنحة طائراته، وكسر الصمت العربي بموقف رجل واحد... رجل اسمه عبدالله الثاني.
موقف لا يُشترى... وشجاعة لا تُقاس
في زمن أصبحت فيه مواقف الدعم تُحسب بالأرباح والخسائر، وتُؤجل لأسباب سياسية، اختار الأردن أن يكتب اسمه في سجل الشرف، وأن يقف في خط الدفاع الأول عن الكرامة العربية والإنسانية.
ما فعله جلالة الملك ليس استعراضًا، ولا مجرد واجب دبلوماسي، بل موقف مبدئي عميق، نابع من الإيمان الحقيقي بأن غزة ليست وحدها، وأن الجوع في غزة جرح في جسد الأمة كلها.