في مشهد يختصر روح الانتماء والتاريخ العسكري المجيد، تعود هذه الصورة النادرة إلى العاشر من شباط عام 1958، بمناسبة احتفال تشكيل كتيبة الحسين الثانية، والذي أقيم آنذاك في قرية العيزرية بالقدس، حين كانت المدينة لا تزال جزءًا من حضن الدولة الأردنية، بكل ما تحمله من رمزية وطنية ودينية.
ويُشار إلى أن كتيبة الحسين الثانية، التي يتجذر اسمها في الذاكرة الوطنية، قد تأسست لأول مرة في منطقة الأزرق عام 1942 تحت مسمى "كتيبة المشاة الثانية"، قبل أن تُعاد هيكلتها لاحقًا ضمن قوات الجيش العربي الأردني، لتشكل ركيزة من ركائز المؤسسة العسكرية في الدفاع عن الوطن والهوية.
وتظهر في الصورة وجوه قيادية بارزة ساهمت في رسم ملامح تلك المرحلة، حيث يجلس في المقدمة رجل دين مسيحي يُرجّح أنه الأب "ثيودوري"، تأكيدًا على روح التآخي بين أبناء الديانات في خدمة الوطن، إلى جانبه قائد اللواء آنذاك الزعيم (اللواء لاحقًا) كمال طاهر إسحاقات، أحد رجالات الجيش المخلصين، وبجانبه العقيد وقائد كتيبة الحسين الثانية آنذاك، الزعيم لاحقًا رفيفان خالد الخريشا، وهو من القادة العسكريين الذين تركوا بصمة راسخة في سجل الشرف الأردني.
ويُشاهد في الصورة أيضًا الرائد فهد مقبول الغبين (الذي أصبح زعيمًا لاحقًا)، حيث يظهر كأول الجالسين على يسار الناظر إلى الصورة، وقد عُرف الغبين بإخلاصه وعطائه في صفوف الجيش العربي.
رحم الله هؤلاء الرجال، الذين خدموا في زمن كانت فيه التضحية شرفًا، والانتماء سلوكًا يوميًا، وحب الوطن عقيدة لا تُساوَم. إن هذه الصورة ليست مجرد لقطة أرشيفية، بل هي شاهد حي على تاريخ ناصع من العزّ والكرامة، يسكن في ذاكرة الأردنيين بكل فخر.