بقلم العميد الركن المتقاعد الدكتور عبدالمجيد علي الكفاوين
في ظل محيط إقليمي يموج بالأخطار والتحديات، تقف القوات المسلحة الأردنية الباسلة – الجيش العربي – شامخةً كالسد المنيع في وجه كل تهديد، مجسدةً عقيدة وطنية راسخة قوامها التضحية والانتماء واليقظة. تواصل هذه المؤسسة العريقة أداء رسالتها السامية في صون أمن الوطن واستقراره، مُتسلحة بإيمان لا يتزعزع، واحترافية ميدانية عالية، ضمن منظومة الأمن الوطني الشامل التي تعالج الأمن بمفهومه الاستراتيجي المتكامل.
وفي صدارة مهامها الميدانية، تتجلّى بسالة الجيش العربي في معركته اليومية ضد آفة المخدرات وعمليات التسلل المنظمة عبر الحدود، حيث يخوض النشامى مواجهات حاسمة، يقدمون فيها التضحيات الجليلة دفاعاً عن المجتمع الأردني وكرامته. هذا الجهد البطولي يتم بتنسيق محكم مع الأجهزة الأمنية، في إطار عمل وطني جماعي، يبرهن أن أمن الأردن ليس مجرد شعار، بل التزام متجذّر في ضمير رجاله وسواعد أبنائه.
وفي ظل اشتعال فتيل الصراع الإقليمي بين إسرائيل وإيران، أدّت القوات المسلحة الأردنية واجبها السيادي بكل كفاءة واقتدار، محافظةً على أمن المملكة وحدودها وسمائها، استنادًا إلى موقف الدولة الأردنية الثابت والرشيد القائم على الحياد الإيجابي. لم يكن هذا الحياد انكماشًا، بل ممارسة مسؤولة للسيادة الوطنية، إذ جرى تعزيز الجاهزية العملياتية، وتكثيف الرقابة الجوية والبرية، والتعامل الصارم مع أي محاولة تهدد أمن البلاد. وقد عكست هذه الاستجابة المهنية التزام الأردن العميق بأحكام القانون الدولي، ونهجه المتوازن في تجنّب الانجرار إلى محاور الصراع، حرصًا على استقرار الوطن وصيانة مصالحه العليا.
أما في ميدان العطاء الإنساني والدور الإقليمي المسؤول، فقد كانت القوات المسلحة الأردنية كما عهدها الأشقاء، ذراعًا ممتدة للنجدة والإغاثة، تُجسد رؤى جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين – القائد الأعلى للقوات المسلحة – في نصرة المظلوم والوقوف مع من يحتاج. فقد سيّرت المملكة عبر جيشها العربي جسورًا جوية وبرية لإيصال المساعدات الطبية والإغاثية العاجلة إلى أهلنا في فلسطين، وخاصة في قطاع غزة، كما أقامت المستشفيات الميدانية الأردنية فيها. هذا النهج يعكس الصورة النبيلة للأردن، قيادةً وشعبًا وجيشًا، في التزامه القومي والأخلاقي تجاه قضايا الأمة وفي طليعتها القضية الفلسطينية.
وفي سياق أدوارها الشمولية، لا تنفصل القوات المسلحة الأردنية عن النسيج الاجتماعي والوطني، بل تشارك فيه بكل فاعلية ووعي، عبر حضورها المشرّف في المناسبات الوطنية والدينية، وتعزيزها للقيم الروحية والإيمانية في المجتمع. ويبرز ذلك من خلال إحياء المناسبات الإسلامية، كذكرى الهجرة النبوية الشريفة، والتي تشكل محطة إلهام وتجديد للمعاني السامية في الإيمان والوفاء والانتماء، وتأكيدًا على دور الجيش في ترسيخ الهوية الحضارية للمجتمع الأردني.
ويظل الأردن، بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، في طليعة المدافعين عن القضية الفلسطينية، ثابتًا على مواقفه المبدئية، الداعية إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس الشريف، ومواصلاً دوره التاريخي في رعاية المقدسات الإسلامية والمسيحية، في إطار الوصاية الهاشمية المباركة، ودعمه المتواصل لحقوق الأشقاء في مختلف المحافل الإقليمية والدولية.
وفي زمن التحديات وتبدّل موازين القوى، يبقى الجيش العربي الأردني هو الثابت الأول، والرهان الصادق، والعنوان الأوضح لوطنٍ لا يُساوم على أمنه، ولا يتنازل عن كرامته، ولا يتراجع عن دوره. فالمجد للجيش… والعزّ للأردن… والوفاء للقيادة الهاشمية التي نذرت نفسها لحماية الوطن وإعلاء شأنه