إنّ الرعب الإسرائيلي المتنامي من التحولات الجارية في سوريا لا ينبع من مجرد تغيير سياسي، بل من احتمال وصول السوريين إلى نظام ديمقراطي حقيقي يضمن احترام التعددية، وتبادل السلطة، وحرية الرأي، وقبول الاختلاف. فليست في سوريا "حماس غزة"، ولا "نووي إيران"، ولا "صواريخ الحوثي"، بل مشروع وطني حرّ إذا اكتمل، فسيكون مختلفًا في جوهره، ومقلقًا في نتائجه على المشروع الصهيوني.
تُدرك إسرائيل أن استقرار سوريا على أسس ديمقراطية يعني انكشاف مشروعها، وتهديد استراتيجيتها القائمة على تأجيج النزاعات، وشيطنة الخصوم، وتمزيق المجتمعات. لذا، فإن ردود فعلها لا تخلو من تصرفات لا إنسانية، تكشف عن خوفٍ عميق من مستقبل لا تملك مفاتيحه، وتدفعها إلى سياسات متخبطة، لا نهاية لها سوى السقوط.
وإن استمر حلفاؤها في تجاهل الحقيقة، فإنهم لن يجنوا سوى سخط الشعوب، وربما شعوبهم أنفسهم، بسبب ما يقترفون من حروب تزرع الكراهية وتحرق الجميع في نار المشروع الصهيوني العنصري، الساعي للهيمنة على العالم.
من هنا، تبدو سوريا مرشحة لأن تكون مقتل هذا المشروع، ونقطة التحول في الوعي العربي والعالمي. فربما تشكل شرارة التغيير الكبرى، التي تعيد للعالم إنسانيته، وتقرّب البشرية من القيم التي فطرها الله عليها.