سنحت لي الفرصة عام 2010 بزيارة منطقة الجولان السوري و ما جاورها شرقا من قرى محافظة درعا ، وقمت بجولة على هذه المناطق المتاخمة لحوض اليرموك جنوباً حتى سفوح جبل الشيخ شمالاً وهي المنطقة التي شهدت جولة الحرب الخامسة بين العرب وإسرائيل في شهر تشرين الاول عام 1973 ، وكان هناك احاديث عفوية مع كثير من سكان المنطقة ممن شهدوا حرب 1973 وكان القاسم المشترك لهم التأكيد على بطولات القوات الاردنية التي شاركت في هذه الحرب ، والمعلوم ان معظم سكان هذه المناطق هي عائلات حورانية في قراها فضلاَ عن وجود واضح لعشائر بدوية مستقرة .
احاديث من قابلتهم من كبار السن كانت تتراوح بين الحديث عن تخطيط وشجاعة ابو هجهوج كما يصفونه "العميد خالد هجهوج المجالي قائد اللواء الاربعين المشارك في الحرب" والشيشاني "الملازم فريد الشيشاني" الذي هاجم موقعاً اسرائيلياً بدبابته وكبد العدو خسائر كبيرة قبل ان يستشهد ، وكان حديث المتكلمين عن مناطق وادي الرقاد وتل مسحرة وشيخ مسكين وتل الحارة وسعسع وتل عنتر وخان ارنبة وهي المناطق التي انتشرت فيها الدبابات الاردنية وطواقمها بمثابة الحديث الفصل الذي يؤكد بطولات الجيش الاردني في هذه الحرب المجيدة ، وذلك في وقت اصبحت فيه الجبهة السورية مكشوفة بسبب الضغط العسكري الاسرائيلي للوصول الى دمشق .
كان قرار المغفور له الملك الحسين بن طلال بالمشاركة في الحرب تأكيداً على رسالة الجيش العربي الأردني في الدفاع عن ارض العروبة أيا كان موقعها ، وهنا لا يخفى الدور الذي كان يقوم به الجيش الاردني اصلاً بالرباط على الجبهة الاطول مع اسرائيل واشغال جنودها بتخفيف الضغط على الجبهتين السورية والمصرية سيما ان الجبهة الاردنية بالنسبة للعدو هي بمثابة الخاصرة الضعيفة بالنظر لقربها من المراكز الحيوية في الكيان المحتل ، وفي هذه الحرب كان الانجاز الاردني بالميدان باعتراف قادة جيش الاحتلال هو منع العدو من الالتفاف من جنوب الجبهة والوصول لطريق درعا دمشق ووضع الجيشين السوري والعراقي بين كفي كماشة وبالتالي التهديد المباشر للعاصمة دمشق .
ينظر لرواية السكان المحليين في مناطق الصراعات بانها مصدر ثقة للتاريخ وذلك بالنظر لعفويتها وعدم خضوعها لإملاءات اصحاب القرارين السياسي والعسكري على حد سواء ، وابناء الجولان وحوران في ارض الجبهة ما زالوا يرددون بمجالسهم بطولات الجيش الاردني بعيداً عن محاولات التشويه الحاقدة ، ووقتها وان تعذر علي التدوين الكتابي لهذه الشهادات من اناس عايشوا ورأوا بأم العين ما جرى فانا بحمد الله ما زلت احفظ هذه الشهادات بخاطري وذهني بأسماء قائليها ولتلقى طريقها للنشر وان كنت اذكرها بين الحين والاخر في لقاءاتي ومحاضراتي ، هي شهادة حق للأردن وقيادته وجيشه من اناس عندهم الخبر اليقين وحق ان تعمم محلياً لأجل اطلاع الجميع هذا من ناحية ولأجل نثر "السـCHن" وهو الرماد الساخن في وجوه المشككين الحاقدين من ناحية اخرى .