2025-12-24 - الأربعاء
غنيمات تؤكد دور الدبلوماسية الثقافية خلال لقائها بالفنان المغربي محمد قرماد nayrouz اختتام بطولة الدوحة الدولية الخامسة لجمال الخيل العربية الأصيلة nayrouz قوات الاحتلال الإسرائيلي تواصل اقتحامها للمدن والبلدات في الضفة الغربية nayrouz الكونغو الديمقراطية تنتزع فوزا صعبا من بنين في أمم أفريقيا nayrouz امم افريقيا: السنغال تفرض هيمنتها وتهزم بوتسوانا بثلاثية nayrouz امم افريقيا: نيجيريا تفوز بصعوبة على تنزانيا nayrouz منى العمدة: «القمة» تجربة إعلامية غير مسبوقة لفهم سوق العقارات عربيًا وخليجيًا nayrouz الجبيهة يتفوق على الوحدات في دوري السلة nayrouz وزارة الداخلية الليبية تنعى وفاة رئيس الأركان العامة ومرافقيه في حادث طائرة nayrouz الدبيبة" يعلن وفاة رئيس الأركان الليبي محمد الحداد ومرافقيه في تحطم طائرة بأنقرة nayrouz صفقتان دفاعيتان من الدوري الإنجليزي لإنقاذ موسم برشلونة nayrouz الزيود تكتب العام يطوي صفحته… ونحن نعيد قراءة انفسنا nayrouz رونالدو يعود للمشاركة في دوري أبطال آسيا 2 ضد الزوراء nayrouz وفد من الأعيان يُشارك في اجتماعات الجمعية البرلمانية الآسيوية بقطر nayrouz الفيصلي يتجاوز الإنجليزية في دوري السلة nayrouz الأمن العام : وفاة وإصابتان بانفجار جسم متفجّر قديم عثر عليه أشخاص في أثناء جمع الخردة بمنطقة الظليل في الزرقاء nayrouz الحكومة: المتقاعدون وفق قرار إنهاء الخدمة بعد 30 سنة لن يستفيدوا من إيقاف القرار nayrouz وقف العمل بنظام "الأوتوبارك" داخل مدينة الزرقاء nayrouz تسليم 10 مساكن لأسر عفيفة في البادية الشمالية الشرقية nayrouz تقرير: الموساد يختطف ضابطًا من جنسية عربية nayrouz
مرزوق أمين الخوالدة يرثي خالته nayrouz وفاة الحاج مخلد سليمان الجبور nayrouz وفاة والدة معالي الدكتور ياسين الخياط nayrouz وفاة الحاجة رسمية عبدالله مفلح ارشيد الطيب "ام رائد" nayrouz وفيات الأردن اليوم الثلاثاء 23-12-2025 nayrouz الخريشا تشكر الملك وولي العهد على تعازيهم بوفاة المهندس راشد بدر الخريشا nayrouz شكر على تعاز nayrouz وفاة الحاجة عطفة محمد البشير الغزاوي (( ام ايمن )) nayrouz تعزية لرئيس لجنة بلدية حوض الديسة بالإنابة بوفاة عمه هارون الزوايدة nayrouz لفتة وفاء وأخوة.. متقاعدو الإعلام العسكري يعزّون بوفاة الشاب عامر سعود الناصر الخضير nayrouz وفيات الأردن اليوم الإثنين 22-12-2025 nayrouz الحاج سليمان حسين النعيمات في ذمة الله nayrouz في وداع قامة وطنية… الشيخ سيف الدين عبيدات سيرة عطاء لا تغيب nayrouz بني صخر تشيّع جثمان الشيخ محمد نايف حديثة الخريشا (أبو زيد) في لواء الموقر...فيديو nayrouz وفاة الشاب عامر سعود الناصر الخضير nayrouz الحاج عوده الله السمارت في ذمة الله nayrouz في الذكرى السنوية الأولى لرحيل الحاج يوسف شحادة nayrouz وفاة الشيخ محمد نايف حديثه الخريشا nayrouz وفيات الأردن اليوم الأحد 21-12-2025 nayrouz رحيل الشاب الفاضل راشد بدر عودة الخريشا: فقدنا مثالًا للأخلاق والنشاط والحيوية nayrouz

عطر الشهادة... ونداء القدس...الشهيد البطل سالم عيد الخوالدة

{clean_title}
نيروز الإخبارية :

 أثناء خدمتي العسكرية، كان لي شرف العمل كضابط توجيه معنوي في عددٍ من التشكيلات العزيزة في قواتنا المسلحة الأردنية – الجيش العربي. 

غير أن كتيبةً واحدة ظلّت الأقرب إلى القلب، كتيبة تشبه الوطن في صدقه وصلابته وطيبه، كتيبة الحسين الآلية الثانية، تلك التي لم تكن مجرد وحدة عسكرية، بل كانت سِفْرًا من البطولة وذاكرة حيّة لرجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه.

هذه الكتيبة لم تكن ثكنةً عسكرية فقط، بل كانت – وما تزال – محرابًا من الطين والدم، ومشعلًا من ذاكرة الأردنيين التي لا تنطفئ.

 تدخلها، فيلقاك عبير المسك، وتشتمّ رائحة التاريخ، وتكاد تسمع نداء القدس يعلو من الجدران، يردد أسماء أولئك الذين نذروا أرواحهم فداءً للمقدسات، ولتراب الوطن الطهور.

نعم ...تكاد تشمّ عبير المسك قبل أن تطأ قدمك عتبة المقر، كأنّ دماء الشهداء ما زالت تضوع في زواياها، وكأنّ أرواحهم ما زالت تؤدي تحيّة الصباح مع كل تشكيل جديد.


في كتيبة الحسين الثانية، لا تحتاج إلى أن تقرأ كتابًا لتعرف معنى الفداء، ولا إلى أن تسأل عن التضحية... فكل جدار يروي حكاية، وكل حجرٍ يحفظ اسمًا، وكل شجرة ظلّت هناك منذ حزيران تنحني وفاءً لمن لم يرجع.

وهناك... في عمق ذاكرة الكتيبة، وفي خنادق المجد، يشرق وجه الشهيد البطل سالم عيد مِيْسِر الخوالدة، الذي ارتقى في القدس عام 1967، تاركًا خندقًا لا يزال شاهقًا في ضميرنا، واسمًا لا يُمحى من ذاكرة الكتيبة،أحد أولئك الذين صدحوا بالرصاص في وجه العدو دفاعًا عن القدس، بوابة السماء، ومعراج الشهداء.
في ذكراه، نستعيد رواية البطولة لا لتُقال فقط، بل لتُعاش، ونُقسم أن تبقى الحكاية حيّة، وأن يُزرع اسم سالم في ذاكرة الوطن كما زُرع جسده في تراب القدس.
في كل كتيبةٍ من كتائب الشرف، هناك من تصدّوا للمسؤولية بحكمةٍ وقيادة، فتُرفع أسماؤهم في لوحة شرف القادة، يُذكرون بكل فخر لما قدّموا من انضباط وخبرة وإخلاص.
لكن هناك لوحةً أخرى... لوحةٌ صامتة في ظاهرها، صاخبة في أعماقها، تزيّن مكتب القائد وتواجهه كل صباح... إنها لوحة شرف الواجب والشهادة.
لا يعلو فوقها منصب، ولا يتقدمها نيشان، هي تاج المجد الحقيقي، محفورٌ فيها أسماء الذين منحوا الوطن أرواحهم، ومضوا دون أن يلتفتوا.
كان القائد الشهيد منصور كريشان، يلقي تحيته الصباحية فتقع عيناه على لوحة الشهداء، رفاق الدرب والسلاح، فتسكن روحه على معنى الشهادة، وتُستنهض الهمم دون أن تُقرع طبول. يكفي أن يلمح اسم سالم ورفاقه، حتى يتذكّر الجميع لماذا نرتدي هذا الزي، ولماذا سيبقى الجيش العربي وفيًّا للعهد، ثابتًا على الطريق.

في السادس من حزيران من عام 1967، وفي لهيب ذاك الصيف الحارق، كانت أزقة القدس العتيقة تضجّ بنداء المآذن وأنين الحجارة، حيث اختلط صوت السماء بصوت الجراح، وتحوّلت المدينة المقدسة إلى مسرح للفداء والبطولة، ذلك عندما انشقت السماء عن وجعها، وأعلنت القدسُ النفير. كانت الشمس تميل فوق القباب، لكن في العيون الأردنية اشتعل نهار لا يغيب. وفي ذلك الصباح المضمّخ باليقين، ارتفع اسم سالم عيد ميسر الخوالدة، جنديٌّ في كتيبة الحسين الثانية، ابن بني حسن، وابن الأرض التي لا تنبت إلا الرجال. ابن الحقول ورفيق السنابل  التي تعلم الرجال كيف لا ينحنون، خاض مع رفاقه من كتيبة الحسين الثانية معركة العز والخلود. هناك، في الخندق المحاذي للمستحيل، كتب سالم اسمه بحروف الطلقات، ووشم الثرى بعرقه ودمه.لم يكن استشهاده لحظة عابرة في زمن الحرب... بل كان قصة لا تنتهي، وأثراً لا يمحوه الغياب.
كان سالم على تخوم القدس، لا يحمل وسامًا ولا رتبة عالية، بل يحمل وطنًا بحجم المجد، وقلبًا لا يعرف سوى أن الحق لا يُؤخذ إلا عنوة. كان وجهه مشرقًا كالشمس التي لا تعرف الغروب، يحمل في عينيه يقينَ المجاهد، وفي قلبه صلابة الجبال الأردنية.

 لم يكن مجرد جندي، بل كان سيفًا من سيوف الحقّ، يقاتل بشراسة الصادقين الذين لا يرجون إلا رضا الله، ولا يخافون في الله لومة لائم.
 اشتدّ زئير الحرب، وتكالب الطغاة على القدس، و سالم في خندقه، يحمل رشاشه الـ500، ومعه ستة عشر من رفاق الوفاء، لا سلاح لهم سوى الإيمان والوطنية، ولا سند لهم إلا الله. دافعوا عن بوابة السماء، عن الأرض التي عرج منها المصطفى صلى الله عليه وسلم، وقاوموا حتى آخر رصاصة... حتى آخر نفس.
شاهد عيان( انتقل الى رحمة الله قبل سنوات عليه رحمة الله )، أحد رفاقه الجرحى، أسرته قوات الاحتلال وبقي في مستشفى هداسا حتى جرى تبادله لاحقًا، رأى بعينيه كيف لقّن سالم ورفاقه العدو درسًا لن ينساه. أفرغوا رصاصاتهم في صدور المعتدين، زرعوا الرعب في قلوبهم، حتى ضاق بهم العدو حيلة، ولم يجد وسيلة إلا أن يقصف الخندق عن بكرة أبيه، بصواريخ الحقد والطغيان.
يقول : "رأيتهم يقاتلون حتى الرمق الأخير، سالم كان كمن يستمدّ قوّته من السماء. لم يختبئ، لم يجزع، بقي واقفًا، ثابتًا، يُغني برصاصه نشيد الخلود".
فغاب سالم لسنواتٍ طويلة ، كأن الأرض ابتلعته، أو كأن السماء خبأته بين أنجمها وبقي اسمه يرفرف كراية، غاب جسده، وبقي أثره في الثرى وفي القلوب. لعقود طويلة، ظل في عداد الحاضرين في حياتنا ، فالأرض لا تنسى أبناءها، والسماء لا تغلق أبوابها على الصادقين. ذكرى سالم ورفاقه الشهداء  تحملها نسائم القدس، شاهدة على ملحمة بطولة لا تموت.فالوطن لا ينسى أبناءه، والدم لا يجفّ ما دام هناك من يسرد الحكاية.
أبناؤك اليوم ابناء الاردن والعروبة والاسلام  يعرفون أنك لم ترحل... بل تغيّبت قليلاً حتى تكتمل الحكاية. ها نحن نكتب، وننقش، ونروي… أنك كنت في المقدمة، في الفوهة الأولى، حيث لا مكان إلا للرجال. قد لا نملك إلا الكلمات، لكن الكلمة الصادقة تسير على قدميها، وتصعد نحوك في السماء.

سلامٌ عليك يا سالم يا من لم يعرف جسدك المواراة لسنين، لكن روحك كانت تحوم حول القدس، تسند بواباتها، وتهمس في آذان أحجارها أن لا تنحني... يا من قاتلت لا لتُعرف، بل لتُخلّد...

سلام عليك أيها الشهيد ...سلامٌ عليك في عليائك، يا من رفعت رأس الوطن عاليًا، وكتبت اسمك بالدم على حجارة القدس. نم قرير العين، فإن لك بيننا عهدًا لا ينقضي، وإنك في القلب حيٌّ، وفي التاريخ خالد. 
سلامٌ عليك، يا علمًا مرفوعًا فوق القدس، فوق الذاكرة، فوق كل العواصف. سلامٌ عليك في عليين، وسلامٌ على رفاقك، أولئك الذين لم ينجُ منهم أحد، لكنهم نجوا من النسيان.
سلامٌ عليك، يا من عشت في صمت، ومتّ في صمت، لكنّ صداك أعلى من كل الصرخات. سلامٌ على كل رفاقك الذين لم يرجعوا، لكنّ الوطن ما نسيهم. سلامٌ على خندقك، وسلاحك، وأثر قدميك في حجارة القدس.وأرضها الصلبة  نم قرير العين، فاسمك في القلب، وذكراك في السلاح، وشهادتك في السماء.
سلام عليك يا صفحة من كتاب لا نُريد أن يُغلق، يا سطرًا لا يُنسى في نشيد كتيبة الحسين الثانية، يا  قلعة  من ضوء، لا يغيب.

نسأل الله أن يتقبلك ورفاقك في عليين، مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقًا.

عبدالرحمن الخوالدة ...عقيد متقاعد من الاعلام العسكري .