في سجل الرجال الذين سطّروا ملاحم الانتماء والوفاء على ميادين الشرف والواجب، يبرز اسم اللواء المتقاعد محمد عبد الحميد عوده الملاحيم، كأحد القادة الأمنيين الذين حملوا راية الوطن بإخلاصٍ وكفاءةٍ نادرة، فكان عنواناً للهيبة والانضباط، ورمزاً للوطنية الهادئة والعمل الدؤوب.
لم تكن مسيرة اللواء الملاحيم مجرّد تنقل بين المناصب، بل كانت صفحات مضيئة من الإنجاز والإخلاص، فقد تدرج في المناصب الأمنية حتى بلغ أعلى الرتب القيادية، واضعاً بصمته في كل موقع خدم فيه، بدءاً من إدارة العمليات، إلى قيادته لأمن أقاليم الشمال، الوسط، والعاصمة، مروراً بإدارته لمركز إصلاح الجويدة ومدرسة الأمير حسين لتدريب المستجدين، وصولاً إلى منصبي مساعد مدير الأمن العام لشؤون المرور ومساعد مدير الأمن العام للأمن الجنائي.
كان الملاحيم قائدًا حاضرًا في الميدان، حازمًا في قراراته، عادلاً في تعامله، لا يُفرّق بين صغير وكبير، ولا يساوم على أمن الوطن ومصالح المواطن. ترك أثراً لا يُمحى في نفوس رفاقه والكوادر التي عملت تحت قيادته، وامتلك رؤية أمنية متقدمة جعلته محل تقدير في كافة المواقع التي تولاها.
إن الحديث عن شخصية مثل اللواء محمد عبد الحميد الملاحيم، هو حديث عن مدرسة أمنية متكاملة، مزجت بين المهنية العالية، والحنكة القيادية، والانضباط الأخلاقي، ليبقى اسمه محفوراً في ذاكرة المؤسسة الأمنية، وضمير الأردنيين كأحد فرسانها الأوفياء.
لقد تقاعد من الخدمة، لكن لم يتقاعد من حب الوطن، ولا من متابعة قضاياه، فهو من تلك الطينة التي وُلدت لخدمة الأردن، وظلت وفية له في كل زمان ومكان.