رغم مرور السنوات، لا يزال صدى غياب العميد الركن محمد عوض الدهام الجبور" ابو اسامة " يتردد في القلوب، كجرحٍ لا يندمل، وغيابٍ لم يملأه الزمن مهما طال.
رحل الرجل، لكن حضوره بقي، في الذاكرة، في الحكايات، في الوجوه التي عرفته وأحبّته، وفي الوطن الذي خدمه بصمت وشرف.
لم يكن الجبور مجرد رتبةٍ عسكرية تعلو الكتف، بل كان رجلاً بحجم وطن.
حمل البندقية، لا طلبًا للمنصب، بل وفاءً لقَسَمه، وخاض سنوات الخدمة بقلبٍ لا يعرف إلا الله والوطن والملك.
كان قائدًا حازمًا، وأبًا عطوفًا، وصديقًا لا يُنسى، وسندًا لمن عرفه يومًا في ميدان الجيش أو مجلس أو موقف.
في الموقر، حيث ترعرع، لا تزال البيوت تذكر خطواته، والطرقات تردد اسمه، والمقبرة التي ضمّته تحرس جسدًا طالما تعب لأجل راحة الآخرين.
يتحدث عنه رفاق السلاح والقبيلة والمحبون، وكأنّه ما غاب، وكأنّ روحه لم تفارق المكان.
الذين عرفوه عن قرب، يتفقون على شيءٍ واحد: "المرحوم ابو اسامة ما كان يشبه إلا نفسه".
لا يتكلف في هيبته، ولا يتصنّع في تواضعه، رجلٌ يعرف متى يرفع الصوت، ومتى يربت على كتف الجندي، ومتى يصمت ليسمو بالموقف.
غاب الجبور ، لكن ظله لم يغب في كل موقف رجولة، يُذكر اسمه.
في كل حديث عن النزاهة والانضباط، يُستشهد بسيرته. وفي كل صلاة على أرواح الطيبين، لا يُنسى من الدعاء.
نم قرير العين أيها القائد، فقد تركت من خلفك ما يشهد أنك كنت من رجالات هذا الوطن الأوفياء... وإن غاب الجسد، فالروح باقية، والذكرى حيّة، والمكان يفتقدك كل يوم.