في مشهد مؤلم يعتصر القلوب، ويعيد للذاكرة لحظة الرحيل المفجعة، أحيت الأسرة الأردنية اليوم، الذكرى السنوية لاستشهاد البطل الرقيب عدي محمد الخرابشة، الذي ارتقى شهيداً أثناء تأديته لواجبه الإنساني في إنقاذ أرواح سقطت في حفرة قاتلة يزيد عمقها عن 30 متراً، داخل أحد المنازل في العاصمة عمّان، بتاريخ 29 حزيران 2022.
في مساء ذلك اليوم الحزين، تلقت كوادر الدفاع المدني بلاغاً عن حادث سقوط شخصين في حفرة عميقة في محيط الدوار السابع، فسارع الرقيب عدي ورفاقه من مديرية دفاع مدني غرب عمان وفريق الإنقاذ الدولي الأردني، حاملين على عاتقهم الواجب المقدس. دخل الحفرة دون تردد، ومضى بقلب جسور وروح مؤمنة، لكنه لم يعد...
ترجل عدي شهيدًا للواجب، شهيدًا للإنسانية.
لم يكن مجرد رجل أمن... كان أباً لثلاثة أطفال: غزل ومحمد ونعيم، الذين ينتظرون صوته على الباب كل مساء، ويحتفظون بحذائه العسكري عند المدخل، كأنه عائد في أي لحظة. رحل عدي وبقيت صوره في البيت تهمس لهم كل ليلة: "بابا مشى في طريق الرجولة... واستشهد".
مديرية الأمن العام نعت الشهيد بكلمات من دم القلب، مؤكدة أنه مضى على درب الحق، وانضم إلى قافلة الشهداء الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، داعيةً الله العلي القدير أن يتغمده بواسع رحمته، ويسكنه فسيح جناته، ويلهم ذويه جميل الصبر وحسن العزاء.
عدي لم يمت... هو باقٍ في ذاكرة الوطن، في دفاتر أبنائه، في دمع أمّه، وفي حكايات رفاقه، وفي كل صافرة إنذار تُطلق من مركبة إنقاذ في الأردن.
سلام عليك يا من دخلت الحفرة لتخرج أرواحاً… فصعدت أنت إلى السماء.