في ذاكرة الكرة الأردنية، تظل بعض الأسماء محفورةً بحروفٍ من ذهب، لا لأنهم فقط ارتدوا قميص المنتخب، بل لأنهم ارتدوه بشرف، وركضوا لأجل الوطن لا لأجل مجد شخصي. من بين هؤلاء الكبار، يسطع نجم الكابتن فراس شلباية، اللاعب الذي جمع بين الأداء الرجولي والروح القتالية، وبين الالتزام والانتماء.
لن ينسى عشاق المنتخب الأردني اللحظة التي خيّم فيها الحزن عقب التعادل السلبي أمام منتخب الكويت ضمن التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2022، تلك اللحظة التي بدا فيها أن الحلم يتلاشى وأن المعنويات تترنح. وبينما تساءل البعض "من يعيد الروح؟"، جاء الرد في المباراة التالية ضد تيمور الشرقية، حين غاب الهدافون وحضر الفارس فراس.
دخل المباراة بثقة، فكان في الموعد، وسجل هدف الفوز الذي أعاد ثلاث نقاط ثمينة إلى رصيد النشامى، وأعاد معها الأمل والإيمان. وبعد صافرة النهاية، لم تكن كلماته عادية، بل كانت انعكاسًا لوفاء لاعب لا يعرف إلا الولاء لوطنه، حين صرّح قائلاً:
"هذا الهدف للوطن والجمهور العظيم."
أما أولى بصماته في مسيرته الدولية، فقد كانت أكثر من مجرد هدف، كانت صرخة نصر. ففي المباراة أمام منتخب فلسطين الشقيق، وبينما كانت النتيجة تسير نحو خسارة محبطة، ظهر فراس في لحظة لا ينساها التاريخ، وسجل هدفًا حاسمًا غيّر مجرى اللقاء، وضرب المجموعة بـ"شرخٍ" أعاد الحسابات وقلب التوقعات.
ذلك الهدف لم يكن مجرّد كرة دخلت الشباك، بل كان لحظة انصهرت فيها دموع الجماهير بهتافات لا تُنسى، ترددت في المدرجات:
"شلباية قلب الدفاع... هجوم!"
فراس شلباية ليس مجرد لاعب كرة قدم، بل هو نموذج للفارس الذي لا يعرف الاستسلام، لاعب صنع احترامه بقدميه وشخصيته، حتى أصبح خصومه قبل محبيه يرفعون له القبعة إجلالاً.
في زمنٍ تتغيّر فيه الأسماء وتخفت فيه الأضواء، يظل فراس شلباية عنوانًا للثبات والعطاء والوفاء. وكم نحتاج في ملاعبنا، كما في حياتنا، إلى أمثاله.