وسط كل الضجيج اللي عم يعصف بالعالم… وسط الحروب اللي ما بتوقف، والدم اللي صار منظر مألوف على الشاشات، والبلدان اللي عم تنهار وحدة ورا الثانية، بلدي واقف. الأردن واقف.
يمكن إحنا مش أغنى بلد، ويمكن ما عنا أقوى الجيوش ولا أعظم الموارد… بس عنا شي ما بينشرا ولا بينقاس: عنا كرامة، وعنا قلب كبير، وعنا شعب إذا اشتدت عليه الدنيا، شدّ على بعضه ووقف.
أنا ابن هالأرض. ابن البلد اللي ربّتني على الخبز والملح، وعلى صباحات العسكر، وأصوات الجوامع والكنائس، وعلى معنى إنك تلاقي حدا يسألك: "شربت قهوتك اليوم؟" كأنها أسمى درجات الطمأنينة.
الأردن ما كان يوم مرفّه، ولا طريقه مفروش ورد، بس دايمًا عنده قدرة إنه يحتوينا. كأنّه بلد خلق من رحم التحدي، كأنّه ربّى أبناءه على الحذر وعلى الحنية بنفس الوقت. مهما ضاقت، منحس إنه في شي بحمينا… شي مش ملموس، بس حقيقي. يمكن دعوة أم، يمكن طيبة ناسه، ويمكن لطف الله.
أنا مش عم بكتب هالكلام بس لأنّي ابن الأردن، عم بكتبه لأني شايف شو عم بصير حوالينا، شايف كيف الدول عم تنهار، كيف الشعوب عم تتهجّر، وكيف الإنسان عم ينهار قدّام رغيف الخبز والمأوى، وعمري ما حسّيت بالأمان اللي بحسه هون.
رغم كل شي، لسه منقدر نحلم. لسه بنطلع نتمشّى بشوارع البلد، بنضحك، بنحكي، بنخطّط لبكرة. لسه طلابنا بيروحوا على الجامعات، لسه في شغل، في قهوة عالدوار، في حارة بترحب فيك حتى لو ما عرفتك.
أنا ابن هالأرض… ومهما صار، ما راح أبدّل ترابها بكنوز العالم.