على تراب فلسطين، لا تُحصى الحكايات حين تختلط المواويل بالعويل
هنا تنمو أرواح الشهداء كأشجار زيتون لا تُقطع جذورها مهما عَبر فوقها جرافات الغزاة.
يُقال إن دم الشهيد في غزة ليس مجرّد دم ،إنه ماء النهر الذي يسقي كرامة الأمة إذا جفّت أنهارها.
في غزة، التراب ليس ترابًا فقط، بل ذرات من حليب الأمهات، من دمع الجدّات، من خطوات الأطفال حين يلعبون بين الركام ويبتسمون كأن الحرب لم تمرّ من هنا. كل حبة رمل تحفظ في باطنها اسماً، ووصيةً، وصرخة حرّة لم تُسمع بعد.
أما نساء غزة، فيُشبهن سور المدينة العتيق: عاليات، متماسكات، وفي صدورهن سرّ البقاء.
امرأة غزّية واحدة، حين تركع عند نافذة مهد ابنها، تقاوم بدمعتها أكثر مما يفعل العالم بخطبته الطويلة عن الإنسانية.
وأطفال غزة... أولئك الصغار الذين يكتبون بضحكاتهم على الحيطان المحروقة: "نحن هنا رغم أنف القذائف". هم أولاد الفجر، يولدون من رماد البيوت ويزرعون فوق الحجارة حدائق لأحلامهم الصغيرة؛ قوارب، طائرات ورقية، وقصص عن مدن لم يرَها أحد لأن البحر محاصر والحدود مغلقة.
ورجال غزة... أرواح مشاةٍ في حقول النار، يتقدّمون بصدورهم العارية، يغزلون من الحجارة ثورةً ويعلّمون المدى معنى أن يكون المرء حارسًا لسماءٍ مسروقة وأرضٍ تتلو آياتها كل فجر: "هُنا، رغم أنف الزمن".
هكذا هي فلسطين: أمٌ تلد شهداءها ولا تجهض صبرها، أرضٌ يغتسل ربيعها بدموع أحرارها، وحكايةٌ كلما ظنّوا أنها ماتت، ولدت ألف مرة في صدر طفلٍ يشبه الغد وهو يهتف: