في زمن تعصف فيه الأزمات بجغرافيا الشرق الأوسط، وبينما يشتعل الصراع بين إيران وإسرائيل وتتحول سماء المنطقة إلى ساحة للمسيرات والصواريخ، ينهض الأردن كعادته، ثابتًا، متماسكًا، عزيزًا، ليؤكد للعالم أجمع أن سيادته ليست محل نقاش، ولا موضوعًا للجدل، ولا ساحة مفتوحة لحسابات الآخرين.
لقد تعاملت الدولة الأردنية مع التطورات الأخيرة بقدر عالٍ من الحكمة والحزم في آن معًا. فعندما تجاوزت المسيرات والصواريخ سماء الأردن، كان الرد الرسمي واضحًا وصارمًا: هذه الأرض لها صاحب، وهذه السيادة لها من يحميها، ومن يقترب من حدودها أو أجوائها فلن يجد سوى الحزم الكامل، بلا تردد ولا مجاملة.
في هذا السياق، لا بد من الوقوف بحزم أمام الأصوات المغرضة التي تحاول، عبر منصات خارجية مشبوهة أو أقلام مأجورة، أن تشكك في الموقف الأردني أو تلقي باتهامات باطلة ضد سياساته. هؤلاء الذين يظنون أن بإمكانهم الإساءة للدولة الأردنية، أو النيل من قراراتها السيادية، يجهلون حقيقة هذا الوطن وتاريخه، ويستخفون بحكمة قيادته وصلابة مؤسساته ووحدة شعبه.
فالأردن، بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني، قالها بوضوح شديد في كل المحافل:
"لن نسمح لأحد بأن يمس كرامة الأردن أو سيادته، فالأردن خط أحمر، ومن يقترب من أمنه يقترب من كل الأردنيين".
هذه الكلمات لم تكن تصريحًا للاستهلاك الإعلامي، بل هي تعبير صادق عن عقيدة سياسية وأمنية راسخة، يجمع عليها كل أردني شريف، وتترجمها الدولة كلما اقتضت الحاجة بالفعل قبل القول.
من يروج لمزاعم باطلة، أو ينسج روايات زائفة عن دور الأردن في هذه الأزمة أو تلك، إنما يكشف عن جهله بطبيعة القرار الأردني المستقل، الذي لا يُملى عليه من أحد، ولا يخضع لمساومات. الأردن لا يسمح باستخدام أرضه أو مجاله الجوي لتصفية حسابات الغير، ولا يقبل أن يكون جزءًا من صراعات إقليمية لا تخدم أمنه ولا مصالح شعبه.
والذين يتطاولون على الأردن، بأقلامهم أو تصريحاتهم، عليهم أن يدركوا أن هيبة الدولة الأردنية لم تكن يومًا محل مساومة. هذا وطن محصّن بالإرادة الوطنية، وبدعم شعبه الواعي، الذي يعرف جيدًا أن سيادة بلاده هي أساس استقراره وحصنه في وجه العواصف الخارجية.
إن حماية السيادة ليست فقط قرارًا عسكريًا أو أمنيًا، بل موقف سياسي ثابت، تلتزم به الحكومة، ويدعمه الشعب، ويصر عليه القائد الأعلى للقوات المسلحة، جلالة الملك عبد الله الثاني، الذي أعاد في كل مناسبة التأكيد على أن أمن الأردن غير قابل للتهاون، وأن سيادته ليست للمساومة أو البيع أو التساهل.
أما المشككون، فليعلموا أن الأردن لم يكن يومًا دولة تابعة، ولا طرفًا ضعيفًا في أي معادلة. هو من يصوغ سياسته بإرادته، ويحدد أولوياته بقراره، دون انتظار لإشارة من أحد أو إملاء من قوة. ومن يظن عكس ذلك فقد أخطأ العنوان، وظلم الحقيقة، واستخف بشعبٍ يعرف تمامًا معنى السيادة والكرامة الوطنية.
في ظل هذا المشهد الإقليمي المعقد، يثبت الأردن أنه رقم صعب، وقلعة منيعة، لا يسمح لأحد بأن يعبث بأمنه أو يشكك في صلابته. وستظل سيادته ركيزة راسخة، لا تمس، ولا يُسمح بالمساس بها، مهما علت الأصوات المأجورة، ومهما حاولت الأبواق الخارجية أن تصنع صورة مزيفة عن مواقفه.
السيادة الأردنية... ليست شعارًا نرفعُه، بل هي فعلٌ نعيشه، ومبدأ نؤمن به، وخطٌ أحمر لا يُسمح لأحد بتجاوزه... لا اليوم، ولا غدًا، ولا في أي زمن