في ظل التصعيد الحاصل بعد الضربة (الإسرائيلية) لإيران والرد الإيراني الذي أشعل الإقليم واستنفر العالم بات واضحا ان الأردن بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين لا زال يسعى للحفاظ على توازنه بين التمسك بالأمن القومي، وعدم التفريط بمبادئه السياسية التي طالما ميّزته في البيئة الإقليمية جعلته دوما *في عين العاصفة لكنه خارج مرماها*.
ترؤس جلالة الملك لاجتماع مجلس الامن القومي اليوم يأتي في غموض يلف مآلات وارتدادات الحدث الجلل ليأتي خطاب جلالته ويعكس نهجًا أردنيًا تقليديًا راسخًا يقوم على القانون الدولي، وعدم الانحياز، والدعوة للحلول السلمية، مع جاهزية داخلية قوية لمواجهة أي تطورات.
ويعكس الخطاب موقفًا سياسيًا متوازنًا، يجمع بين الرفض الصارم للتعدي على القانون الدولي، والحرص على حماية أمن الأردن واستقراره.
وهنا يمكننا تلخيص مضامين الخطاب من خلال عدة محاور: ابتداءً من الموقف السياسي الذي اكد ان الهجوم ( الإسرائيلي ) وما تلاه من تداعيات وارتدادات يمثل انتهاكا للقانون الدولي والذي اكد فيه جلالته بالتمسك بثوابت القانون الدولي ورفض استخدام القوة خارج اطاره وهو ما يعزز موقف الأردن المتزن في محيط إقليمي مضطرب ودوره بالحفاظ على التوازنات الاستراتيجية التي تفضي الى حلول سلمية للصراعات.
الإدارة الداخلية والجاهزية الأمنية
وياتي إيعاز جلالة الملك لرئيس الوزراء جعفر حسان بالحفاظ على أعلى درجات الجاهزية والتنسيق بين مؤسسات الدولة، ضمن الخطط الموضوعة لادارة الازمة داخليا من الناحية السياسية والأمنية في ان معا ويعكس نهجًا وقائيًا مسؤولًا والذي يمتد إلى إجراءات عملية لحماية الجبهة الداخلية، مما يدل على إدراك عميق لطبيعة التأثيرات التي قد تمس بالأمن الداخلي للدولة الأردنية.
رسائل طمأنة داخلية وخارجية :
ولم يخلو التركيز في مضامين الخطاب من رسائل طمأنه ليس فقط للداخل الأردني بل يحمل في طياته رسائل خارجية كذلك فمن جهة جاءت الدعوة لمواصلة حث المواطنين على الالتزام بتعليمات السلامة، والرهان على وعي المواطن الذي يهدف إلى تهدئة المخاوف الشعبية من انعكاسات التصعيد الإقليمي فيما كان لحضور أبرز المسؤولين الاجتماع ، بمن فيهم ولي العهد، يحمل رسالة عملية موجهة للداخل والخارج بأن القيادة الأردنية موحدة ومتيقظة لأي طارئ.
وبما يحمله الأردن من ثقل إقليمي أكد الخطاب على استمرار الأردن بالتنسيق الكامل مع كافة الأطراف الإقليمية والدولية، مما يعكس حرص الأردن على لعب دور في الدبلوماسية المتعددة الأطراف، وعدم الاكتفاء بالموقف الأحادي، مما يضعه في موقع مهم كحلقة وصل بين الفاعلين في الإقليم.
وتبقى توجيهات الملك في الاجتماع بوضع كافة الخطط للتعامل مع كافة السيناريوهات التي قد تؤثر عليه داخليا وخارجيا إشارة واضحة أن "الأردن لن يكون ساحة حرب لأي صراع" هو تعبير واضح عن سياسة الحياد الإيجابي، والتي أبقت الأردن دوما بعيدا عن تداعيات الاستقطاب الإقليمي والدولي، وخاصة في ظل التصعيد بين الكيان وإيران حيث ان هذا الموقف الواضح والقاطع والدائم في ابعاد الأردن عن تحول أراضيه إلى ساحة لتصفية الحسابات بين أطراف النزاع المختلفة.