في حادثة مؤلمة، جرفت السيول الشاب هيثم المصبحيين (17 عامًا) أثناء رعيه للإبل في منطقة الحسا، ليسقط في حفرة عميقة خلّفتها عمليات تنقيب تعود لإحدى الشركات تمتد لأكثر من 5 كيلومترات، ويزيد عمقها عن 70 مترًا، دون أي سياج أو تحذير!
منذ اللحظة الأولى، باشرت طواقم الدفاع المدني وإقليم الجنوب، وأكثر من 250 غواصًا وفريق إنقاذ، باستخدام القوارب والطائرات والمعدات الحديثة – من بينها أجهزة بحث ليلي أُحضرت بتوجيه مباشر من جلالة الملك عبدالله الثاني – عمليات البحث، التي لا تزال مستمرة منذ أكثر من شهر، دون كلل أو ملل.
ولا يمكن أن نغفل عن الجهد الجبار المبذول من قبل جهاز الأمن العام بتوجبهات من عطوفة مدير الامن العام اللواء عبيد الله المعايطه، سواء البشري أو اللوجستي أو المادي، والذي كلّف الملايين، مع ما يرافق ذلك من مخاطر جسيمة على مرتبات الأجهزة الأمنية والغواصين، نتيجة البحث المتواصل ليلًا ونهارًا.
نُشيد بهذه الجهود الجبّارة، وعلى رأسها متابعة جلالة الملك عبدالله الثاني – حفظه الله – شخصيًا لتفاصيل عملية البحث.
*لكن هذه ليست الحادثة الأولى…*
في عام 2021، توفي الحاج مقبول السلامات الحجايا بعد سقوطه في حفرة مشابهة، غير مؤمّنة، أثناء سيره بعد الغروب، ظنًّا منه أن الأرض مستوية، وظل مفقودًا ثلاثة أيام قبل العثور عليه. ولحقت به زوجته بعد شهرين حزنًا عليه. رحمهم الله.
الطفل حمود العمامرة تعرض لإصابات خطيرة وعاهة دائمة إثر سقوطه في إحدى هذه الحفر قبل أقل من عامين.
أكثر من 15 رأسًا من الإبل والأغنام جُرفت إلى نفس الحفرة التي ابتلعت هيثم.
شاحنة كادت تسقط في إحدى هذه الحفر بعد انحرافها عن المسار.
هذه الحوادث والمواقف الخطيرة تتكرر، ولولا لطف الله، لفقدنا أرواحًا أكثر… كل ذلك دون أي محاسبة أو تعويض.
*ما يجري ليس استثناءً… بل كارثة بيئية مستمرة!*
هذه الحفر القاتلة تنتشر في البادية الجنوبية، على مساحة تقارب 120 × 60 كم، نتيجة عبث شركات تعدين تستخرج الفوسفات وغيره، ثم ترحل تاركة خلفها دمارًا لا يُرمّم.
*ويُضاف إلى ذلك:*
انبعاث روائح كريهة من بعض المنشآت الصناعية القريبة من الطريق الدولي عمّان – العقبة، تؤذي السكان والمارة وتؤثر على الصحة العامة.
الحفر العميقة الناتجة عن التنقيب عن الصخور قرب بعض السدود، دون أي سياج أو إشارات تحذيرية، مما يشكل خطرًا دائمًا على الأهالي والمواشي.
تشويه البيئة الطبيعية في عدد من مناطق الجنوب بسبب نشاطات صناعية غير منظّمة تركت آثارًا واضحة على الأرض والغطاء النباتي.
تسرب بعض المواد الخطرة إلى التربة، ما قد يُهدد المياه الجوفية، إضافة إلى أعمال تفجير تسببت بتصدعات وأضرار في منازل المواطنين في منطقتي الحسا والأبيض.
الغبار الكثيف الناتج عن الكسارات المنتشرة في المناطق المجاورة للمساكن، والذي يفاقم أمراض الجهاز التنفسي ويقلل جودة الحياة.
التوسع في التنقيب عن معادن كالبوزلان والحجر في مناطق كالحسينية وجرف الدراويش وباير، ما تسبب في تدمير المراعي التقليدية وحرمان السكان من مصادر رزقهم.
*والنتائج كارثية:*
موت المراعي والثروة الحيوانية.
انقراض الحياة البرية.
تلوّث الهواء والمياه الجوفيه.
ارتفاع معدلات الربو والأمراض المزمنه!
تصدّع المنازل بسبب التفجير العشوائي.
تفشّي البطالة وتهميش أبناء المنطقة!
*نهيب بأصحاب القرار بالإطلاع على مطالب أهالي المنطقة والتي تتلخص بما يلي:*
1. تأمين الحفر بما يحافظ على سلامة المواطنين و دراسة إمكانية إغلاقها
2. فرض رقابة صارمة على شركات التعدين و محاسبة المقصرين منهم
3. دعم الجمعيات والمبادرات البيئية المحلية
---
نثق أن صوتنا لن يُهمل، وأن حقنا في العيش في بيئة صحية لن يُهدر.
نثق بأن مؤسسات الدولة لن تتساهل مع الإهمال، وبأن في وطننا قيادة هاشمية لا تغفل عن معاناة الناس ولا تقبل بالتقصير.
دعاؤنا أن يتم العثور على هيثم، وأن لا نخسر مزيدًا من أحبّتنا.