يبقى الأردن فوق كل اعتبار، وستظل هذه الكلمات تعبيرًا صادقًا عن نبض الأردنيين، الذين لا يعلو لديهم شيء فوق مصلحة وطنهم، ولا تغلبهم المصاعب مهما اشتدت، لأنهم اعتادوا على الصبر والثبات في وجه التحديات. لقد مرّ الأردن بمحطات صعبة عبر تاريخه، لكنه خرج منها دومًا أكثر قوة، وأكثر رسوخًا في مبادئه التي تقوم على وحدة الصف، وحب الوطن، والولاء للقيادة الهاشمية التي لم تتوانَ يومًا عن بذل الغالي والنفيس في سبيل رفعة الوطن وكرامة شعبه.
وفي هذه الأيام العصيبة، ومع تصاعد التوترات في المنطقة، خاصة بين إسرائيل وإيران، يواجه الأردن وضعًا دقيقًا وحساسًا، حيث تلقي هذه التطورات بظلالها على كل دول الإقليم، ولا شك أن آثار أي صراع قد يمتد ليطال الأردن بشكل أو بآخر. فحرب بهذا الحجم قد تترك تبعات أمنية وسياسية واقتصادية خطيرة، ابتداءً من احتمال تعرض المنطقة لموجات عنف وفوضى، أو تسلل جماعات تسعى لزعزعة الاستقرار، وانتهاءً بما قد يصيب الاقتصاد الوطني من آثار سلبية نتيجة ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء، وتراجع حركة التجارة، وتزايد أعباء استضافة اللاجئين إذا اندلع نزوح جديد.
لكن، كما عودنا الأردن، فإن المحن لا تزيده إلا عزيمة، ولا تزيد شعبه إلا تماسكًا، ولا تزيد قيادته إلا إصرارًا على حماية البلاد وصون مكتسباتها. إن حكمة القيادة الأردنية، وحنكتها في التعامل مع الأزمات، وقدرتها على تبني سياسة متوازنة، تحصن البلاد من الانزلاق في أتون الصراعات، وتحافظ على أمن الأردن واستقراره. وفي مثل هذه الظروف، تتأكد الحقيقة الراسخة أن الأردن يبقى فوق كل اعتبار حين نضع مصلحته وسلامته في مقدمة الأولويات، وحين نجعل ولاءنا لوطننا أكبر من أي انتماء آخر، وحين نُغلّب صوت العقل والحكمة على أي دعوات للفرقة أو الفتنة.
إن حب الأردن ليس شعارات تُرفع في الأزمات، بل هو التزام يومي بالعمل المخلص، والحرص على أن تبقى رايته عالية، وأرضه عزيزة، وشعبه آمنًا مطمئنًا. سيبقى الأردن، بإذن الله، قويًا بفضل أبنائه الأوفياء، وبفضل إصرارهم على أن يظل هذا الوطن فوق كل اعتبار، مهما تعاظمت الأخطار، ومهما اشتدت التحديات.