كتبت كلماتي من قصائد شعر استلهمت قيفانها من هيبة الجند والعسكر، ومن ترويدات صبايا الوطن عندما طل صاحب البدلة العسكرية وحياها، من دفاتر التاريخ ومن قصص البطولات، من ملاحة وجوه العسكر، من خلف أسلاك المعسكرات شامخين متأهبين لكل متحرك وساكن، من صباحات النصر، ومن شعاع الشمس الذي يسطع من شعار الجيش الذهبي وهو يزين هامات الرجال النشامى، ينثر أريجه على الأرض، فترى طلوع سنابل القمح تتلألأ في الأرجاء، تنطق بلسان عربي" يحيا الجيش والمجد للوطن".
عندما تفتح الجدات صناديقها العتيقة وتشاهد فيها البوريه والبدلة العسكرية والقايش، تدرك أن حكايات البطولة مخزنة معها، ولوازم الفرسان تلك هي رواية خاصة لكل عسكري خدم في سلك الجيش الأردني، خبأتها الأمهات لتروي قصة ذلك الشهيد كيف ارتقى إلى خالقه وهو يدافع عن الوطن مقبلاَ غير مدبر بكل شجاعة وإقدام، ما أكثرها الصناديق، وما أكثرها تلك القصص، تسمعها في أغلب بيوت الأردنيين.
في عرف الأردنيين العسكري أينما وجد هو مصدر الأمان والانضباط ، تعرفه حتى بلباس "السويل" كما تسميه الجدات، عندما تشاهد جندي في الشارع أو بسيارات الجيش التي تمر بالطرقات، ترى بملامحه السمراء إبنها أو حفيدها الغائب عن عيونها، في منطقة بعيدة، أو يحرس حدود الوطن، تهلي به دون أن تعرفه، يكفي أنه يشبه كل فرسان الجيش بهيبتهم وهيئتهم، يا هلا يمه، هلا "بهالطول" يسعد الفوتيك والبوريه، يا بيي محلاك ومحلا طلتك.
وفي عيون الإبنة تلمع كل عبرات الفخر والاعتزاز بهيبة العسكري الواقف أمامها وكأنها تتأمل بطل كل المعارك والصولات والجولات بعيون تقول: من يشبه أبي.
وفي عيون إبنة شهيد أو مصاب عسكري " مثلي أنا " كاتبة المقال، كنت أرى كم هذا الوطن عظيماَ في عيون أبي لدرجة أن يفتدى بالروح والأبدان، وفخره بأن كل جزء مخاط من بطنه نتيجة الإصابة في المعركة، أو تم استئصاله من أحشائه قد بذل للوطن، وكل علامة على جسده تمثل عندي حكايةَ لمعركة تركت ندبات غائرة على جسد أبي.
في عيد الجيش الأردني العزيز، تتفاعل في قلوبنا كل مكونات الفخر والاعتزاز، والإجلال للجيش، وتلهج الألسن بالدعاء لله بأن يحفظ جيشنا الأردني الباسل الذي يقارع الأعداء والمندسين، ويهدم أوكار المهربين، وهم من يجعل أحلام وأوهام الطغاة تتبدد أمام شجاعتهم ورجولتهم، وهم من يخدم الوطن وأهله بكل شجاعة وأمانة وإقدام.