ما حققه المنتخب الوطني الأردني لكرة القدم وتأهله المستحق إلى كأس العالم، يُعد حدثًا وطنيًا نموذجيًا بامتياز. حدث صنعه أردنيون أرادوه إنجازا يليق بوطنهم و مواطنيهم، فَمَنَحوا شعبهم جرعة من الفرحة الكبير، كانوا بأمسّ الحاجة إليها، وسط أجواء سياسية واقتصادية معقدة وضاغطة عليهم محيطة بهم.
النشامى هم فتية آمنوا بالأردن وطنًا وهوية، و بوحّدته قيادةً وسيادةً وشعبًا، يستحق الثقة. وقد مُنحوا من الثقة والتجهيزات ، كانت الدافع لهم نحو الاجتهاد والبذل بإخلاص، ليبلغوا به العالمية ، جسّدوا في أدائهم فكر الفريق الواحد، روحًا وجسدًا.
لقد سكنت الفريق روح الأردن العظيمة، روح الكرم والعطاء والشهامة، روح النخوة في السراء والضراء، في الفقر والعوز كما في الرخاء.
ليلة التأهل، عشيّة العيد، بُعثت روح التجديد الأردنية من جديد، فغرسها اللاعبون في أدائهم، وشكلت بصمتهم الخاصة: تحدٍ، إصرار، وعزيمة على تجاوز كل التوقعات والصعوبات، وتحقيق الأمنيات.
إن وصول منتخبنا الوطني إلى كأس العالم هو نموذج حي للإنسان الأردني المتفاني، الوطني، الذي يجب أن يُحتذى به في كل المواقع القيادية والإدارية، ليكون مبادرًا، منتجًا، منجزًا، ومبتكرًا للحلول، على كافة المستويات السياسية، الاقتصادية، والخدماتية ، حلول تعود آثارها المباشرة على حياة المواطن، فيرى تحسنًا ملموسًا في معيشته، وانخفاضًا في معدلات البطالة والفقر، وارتفاعًا في قدرته الشرائية ومظاهر الرفاه الاجتماعي.
نريد فرقا حكومية و نيابية، قوى سياسية وحزبية و مجتمعية، جادة في أداء مسؤولياتها، قادرة على تحقيق التوازن بين البيروقراطية التقليدية وديناميكية الليبرالية الاجتماعية — طبقة سياسية "هايبرد" — تؤمن بالشراكة في القرار و الإنجاز و المسؤولية ، تكون على قدر ثقة الشعب والقيادة و حسن الظن ، لا تعرف المستحيل، ثقتها بهذا الوطن مطلقة، لا تخذله، تعتمد على الله أولا ، ثم على ذاتها وإمكاناتها المتوفرة ، فتُظهر عبقريتها في استخراج أقصى الطاقات لصناعة المعجزة.
كل ذلك لأجل أردن أقوى، كما عهدناه و عاهدناه: أولًا، ديمقراطيًا، متقدمًا، حرًا، عزيزًا، كريمًا، آمنًا، ومطمئنًا مستقرا.