في ليلة كروية انتظرناها جميعًا بشغف وحماس، التقى منتخبنا الأردني والمنتخب العراقي الشقيق في مباراة حملت بين طيّاتها أكثر من مجرد أهداف ونقاط. كانت مباراةً في كرة القدم، لكنها أيضًا كانت اختبارًا للروح الرياضية، وللأخوة العميقة التي تربط بين شعبين وبلدين جارين تربطها روابط كثيرة مشتركة.
نعم، خسرنا المباراة. انتهت النتيجة لصالح المنتخب العراقي الشقيق، رغم الأداء الرفيع لكلا لمنتخبين، لكن ما لم يظهر على لوحة النتيجة هو ذاك النصر المعنوي الذي عاد به كل من تابع هذه المباراة: نصر الأصالة، نصر الأخوة، نصر الأخلاق.
لقد وقف الجمهور الأردني والعراقي يهتف للعبة مشوّقة، لا للعداوة، بل للمحبة والتقدير المتبادل. رأينا العلمين يُرفعان جنبًا إلى جنب، وسمعنا التصفيق يتعالى للمهارة واللعب النظيف، وهذه هي الرياضة التي نؤمن بها، وتلك هي القيم التي تربّينا عليها.
أن تخسر مباراة لا يعني أن تخسر المبادئ، ولا أن تتراجع عن التمسك بالقيم. فكم من فوز تحوّل إلى خيبة حين اختلط بالتعصب، وكم من خسارة أصبحت نصرًا أخلاقيًا حين واجهها أصحابها بشجاعة ونبل. هذا ما فعله نشامى الأردن الليلة، حين لعبوا بروح عالية، واحترام للخصم، وإيمان بأن النتيجة ليست وحدها ما يصنع المجد.
وكذلك فعل إخواننا في المنتخب العراقي، الذين كانوا على قدر المسؤولية، وقدموا أداءً يليق بتاريخهم الكروي، دون أن يتخلّوا عن احترامهم للخصم أو جمهور الخصم. لقد كانت مباراة بين إخوة، لا خصوم، بين شعبين يجمعهما القلب وإن فرّقتهما نتيجة.
خسرنا المباراة، نعم. لكننا ربحنا ما هو أعمق: تأكيد جديد على أن الرياضة يمكن أن تكون جسرًا للمحبة لا ساحة للفرقة. ربحنا صورة مشرقة عن شعبين عربيين يتنافسان بشرف، ويتصافحان بعد صافرة النهاية بمحبة خالصة.
فليحفظ الله الأردن والعراق، وليبارك هذه الأخوّة التي لا تهزّها نتيجة مباراة ولا تعكر صفوها صافرة حكم.