على هامش كل مباراة تجمع فريقي البلدين في مواجهة حاسمة أو ودية تخرج علينا من العراق كما يخرج من الأردن أصواتاً نشاز، لا تُمثل البلدين، ولا تُمثل لُحمة الشّعبين، ما بيننا أكبر من أن يُفرقنا، بيننا وحدة الدم والمصير، بيننا جوار أصيل، وامتداد كبير لإرث شعبي وقومي عظيم، وفوق كل هذا بيننا العروبة، بيننا الدّين.
نحن جيل تربينا على الأخلاق كما هم العراقيون المُتحلين بالأخلاق، نشأنا وكبرنا، وأعيننا تطالع صباح مساء صورة الحسين الراحل برفقة صدام المجيد - طيب الله ثراهما- مقرونة بآية الله الخالدة (إن ينصركم الله فلا غالب لكم)، أقول هذا، وما بين المعظم والمجيد أكبر من أن يوصف، هذا، وقد رحل الحسين العظيم لجوار ربه، وحلّ مكانه في سُدة الحكم نجله وريث عرشه، ورحل صدام المجيد حاملاً إرثاً في العزّة وحلّ مكانه في سُدة القيادة من اختاره العراقيون، عصفت بالعراق أحداث جسام، لكنه العراق الذي بأعيننا كان ولا يزال، سيداوي العراق جراحه، سينهض، ويجب أن ينهض؛ حباً بالعراق، وحباً بقوميتنا المشتركة.
مرة أخرى، بين البلدين أكبر من أن يُعكر صفوه، أو يُمحى أثره، علاقات مشتركة، وأخوّة أصيلة، فلا تدعوا لأصوات النشاز أن تُمثلنا أو تُمثلهم، أميتوا الباطل بهجره ونكرانه، لا تخربوا معاقل الود والصّفاء، ولا تسحقوا أزهار الحب والعطاء، بهتافات عابرة، وألفاظ نابية، لا تليق بعراقة الشعبين.
في القريب العاجل، وعلى أرض النخوة لقاء يجمع منتخب البلدين، فليكن لقاء حُب وسلام، لقاء وئام وامتنان؛ فالأردن هو الأردن، وطن النشامى الذي لم يعرف يوماً الكره أو الحقد، بلد الخير والعطاء، والعراق هو العراق بلد الرافدين الذي لم يتنكر يوماً لقوميته وعروبته، ولنثبت للعالم الذي يسعى لزيادة رقعة التمزيق في وطننا العربي أننا أسمى من الاختلاف، وأطهر من التفرقة. ولنتذكر أننا لسنا قوم لوط، ولا قوم عاد وهود، والأشقاء ليسوا أهل بغاء، وإن عصف بأرضهم الشّقاء، نحن قوم حبانا الله بمعرفته، شرّفنا بالاسلام ورسالته، فلنعكس أخلاقنا على امتداد ساحات العشب الأخضر ومدرجات التشجيع وخارجها، وإن سمحنا للسفهاء بإلقاء الحجارة في بئر الصفاء فحينها مئات العقلاء لا يقوون على إخراجها، فليكن الهتاف بما يليق بتاريخنا العريق، حاضرنا ومستقبلنا المشرق، ولتكن رسالة الاعلام الرياضي ومنصات التواصل أرقى وأسمى من مناكفات رياضية هزيلة؛ فالأصل أن تكون الرياضة وما يتصل بها ساحات للتقارب لا للتشاجب.
في وطننا حلّ العراقيون ضيوفاً، فليروا منّا حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة، وطيب الكلمة، يليق بنا ذلك وتاريخهم يستحق؛ فتاريخ العراق مجيد، وعراقة الأردن أصيلة، وإن مزّقت الأحوال وحدة صف العروبة، وخرج بين ظهرانينا في الجانبين أصوات النشاز المشؤومة.
قادة البلدين يسعون للتوحيد، فكيف بنا ننشر التمزيق ونسعى للتفريق !
في الختام، نحن المعازيب والمعزب ربّاح، وكرة القدم ركلة وتنتهي، وما بيننا أصيل لا يُركل، لا يفنى لا ينفذ.