في بيئة العمل، كما في الحياة، لا أحد معصوم عن الخطأ. فمهما بلغ الإنسان من خبرة أو حذر، تبقى الأخطاء جزءًا من طبيعته البشرية. لسنا ملائكة منزهين عن الزلل، بل بشر نخطئ ونتعلم، نُقصر أحيانًا دون قصد، ونُصيب أحيانًا أخرى .
لكنّ ما يصنع الفرق الحقيقي في التعامل مع الخطأ ليس حجمه، بل المناخ الايجابي والمهني الذي يحدث فيه. فعندما تسود بيئة من الود والاحترام والتقدير المتبادل، يصبح الخطأ فرصة للتعلم، لا ساحة للاتهام. تُصبح الكلمة الطيبة بلسمًا، والعتاب الهادئ وسيلة للبناء، لا للهدم.
في المقابل، حين يغيب هذا الاحترام، ويتراجع التقدير، تتحول الأخطاء البسيطة إلى أزمات متضخمة، تُحمّل ما لا تحتمل، وتُفسَّر بأسوأ النوايا. وتضيع التفاصيل في زحام الانفعال، حتى يصبح الاعتراف بالخطأ عبئًا لا أحد يجرؤ على حمله.
البيئات الناجحة ليست تلك التي تخلو من الأخطاء، بل التي تُحسن التعامل معها. فالود لا يُلغي المسؤولية، لكنه يُخفف وطأتها، ويمنحها بعدًا إنسانيًا يليق بنا كبشر.
لعلنا بحاجة، بين الحين والآخر، إلى أن نتذكر أن أعظم الأخطاء قد تُغتفر بكلمة طيبة، وأن أبسط الزلات قد تكبر إن غابت النية الحسنة.