صبيحة يوم زواجها وقبل أن تُزف الى زوجها ، أجتمعت بها امها وخالاتها وعماتها ، وهو اجتماع ارشادي وتقديم النصح والتعليمات . فتقول لها خالتها الكبرى ناصحة أياها : ترى يا خالتي بكره لما يزُفوكِ لبيت عريسك راح تلاقي بإستقبالك ام العريس وخالاته وعماته وخواته ، وراح يكون مع حماتك ام عريسك صينية ، بداخلها عجينه ، وبالعجينة عِرِق ريحان اخضر او غصن زيتون صغير ، وراح توخذي العجينة بأيدك اليمين ، ولما توصلي على باب دار العريس راح تمدي ايدك فوق الباب او على الحيط على يمين الباب وتلزقي العجينة ، وديري بالك لزقيها مليح ولا تخليها تقع ، لانه يا خالتي إن لزَّقت هالعجينة وما وقعت معناته وجهك خير عليهم ، وراح تكوني فال مليح على جوزك ، وبُشرى سارَّة لاهلك ، لانه راح تستقري وتتثبَّتي في بيت جوزك . اما بعيد الشر اذا وقعت العجينة ، فراح يقولوا عنك أنك وجه نحس ونذير شؤم على حياتك وحياة جوزك ، وراح تشوفي وتواجهي مشاكل ما يعلم بيها الا ربنا ، وممكن تتطالقوا . ولهيك بوصيك انك تكون شاطرة ولزّْقي العجينة مليح ولا تخليها تقع ، وبعدين فوتي للدار برجلك اليمين .
تسير بين والدها وخالها بخطى ثابته ، مغطاة بعبائة الخال دون أن يظهر وجهها للعمومو ، ذلك الوجه الساكن خلف الطرحة البيضاء ، والخجل مرسوم على وجنتيها ، وخلفها اقرانها من الصبايا الفَرِحات وامامها الأم والعمات والخالات والاخوات يرددن من الاهازيج والتراويد التي تليق بهذه المناسبة السعيدة ، وتكاد قدماها لا تحملانها و لا تقويان على السير ، وفي داخلها افكار تتصارع ، يغلب عليها الخوف ، ويتملَّكها القلق من تلك العجبينة التي تنتظرها على تلك الصينية التي تحملها حماتها والدة العريس ، وتُفكِّر كيف لها ان تلصقها على عقدة الباب او على جانب باب بيت العريس في زحمة الذين يوجهون انظارهم لا لمقدمها ولا لجمال فستانها وتسريحة شعرها وزينتها ؟ بل ستكون انظارهم موجهة لمراسم لصق العجينة على مدخل بيت العريس ، وفرحهم الكبير إن ثبتت العجينة وحزنهم الشديد إن لم تثبت ، وتسأل نفسها ماذا سيحصل ان لن تلتصق وتثبت ؟ وماذا سيكون موقف والدة العريس واخواته وقريباته ان انزلقت العجينة من مكانها ؟ وكيف ستكون نظرتهن اليها ؟ وتجيب بالتأكيد انها نظرة تشاؤم ، وسيرين بها مصدر شؤم العائلة ، ووجه بؤس لا خير فيه ولا بركة على العريس من جهة وعلى أهل الدار التي زُفت اليها . لكنها تقول بداخلها انا واثقة من انني سأُجيد لصقها في مكانها المقصود ، وسيبارك الحضور وصولي وسيسعدون بقدومي وستستمر حياتي الزوجية وسأعيش بسعادة مع زوجي .
عند وصولها الى بيت الزوجية ، تسلمت العروس العجينة من يد ام العريس ورفعت يدها اليمنى فوق الباب لتلصقها ، لكن يدها كانت ترتجف ، فلم تتمالك نفسها ، فوقع المحظور حيث إنزلقت العجينة على الأرض ، فأسرعت اليها امها وتناولتها وألصقتها بشدة في المكان المقصود ، فثبتت ، الا ان ذلك لم يمحُ الكشرة التي ارتسمت على وجه ام العريس والحسرة التي رافقت استهجان خالاته وعماته ، واللاتي وجدن بالعروس نذير شؤم .
ودخلا العروسان عش الزوجية ، الا أنه ورغم سقوط ومرور زمن على عدم تمكن العروس من لصق العجينة عاش العروسان في سعادة وثبات وأنجبا الصبيان والبنات .
ملاحظة
----------
إستمرت عادة لصق العجينة من قبل العروس وظلَّت متبعة لغاية فترة السبعينات من القرن الماضي . والتفسير الشعبي لإلصاق قطعة العجين على باب البيت، هو أن العروس تلتصق في هذا البيت كإلتصاق قطعة العجين على الجدار ، وأنها ستكون سبباً في استمرار الحياة والبقاء في ذلك البيت ، ورمزا للخصب وإنجاب الاطفال . كما ان الريحان ذو رائحة عطرة زكية يرمز الى دور العروس القادمة التي ستملأ البيت الذي تدخله بالحياة والبهجة والحبور والخير والبركة والسعادة والهناء .