في عالم يتسارع نحو التغيير، وتتشكل فيه مفاهيم القيادة والإدارة بأساليب جديدة، تبرز المرأة كقوة فاعلة في ميدان إدارة الأعمال، ليس فقط كشريك، بل كصانعة قرار، وقائدة تغيير. ومع كل تحدٍّ، تثبت أنها ليست مجرد رقم في منظومة العمل، بل عقل مبدع وروح ملهمة تعيد رسم خارطة النجاح.
الواقع والتحديات:
لم تكن طريق المرأة في الإدارة مفروشة بالورود. فقد واجهت عبر سنوات طويلة صورًا نمطية، ومجتمعات تضعف من فرص تمكينها، وسقوفًا زجاجية لا تُرى لكنها تُشعر. ومع ذلك، اقتحمت عوالم كانت حكرًا على الرجال، فنجحت في إدارة الشركات، وتحقيق الأرباح، وصنع سياسات الموارد البشرية، وحتى في خوض مضمار ريادة الأعمال.
تشير التقارير العالمية إلى أن المؤسسات التي تقودها نساء تحقق أداءً ماليًا واستراتيجيًا أكثر استقرارًا في الأزمات، لما تملكه المرأة من قدرة على التوازن، والمرونة، واتخاذ قرارات متروية.
قصص ملهمة:
من شيريل ساندبرغ في "فيسبوك"، إلى سارة بلاكلي مؤسسة "Spanx"، وحتى القيادات العربية في البنوك والشركات الكبرى، أثبتت المرأة أن الفكر القيادي لا تحدّه النوعية، بل تصنعه الكفاءة والرؤية.
المرأة العربية... بين الواقع والطموح:
رغم الإنجازات، لا تزال المرأة في العالم العربي تواجه تحديات تتعلق بالتمكين، وتكافؤ الفرص، والتمثيل العادل في مراكز صنع القرار. غير أن الإرادة أقوى. والواقع بدأ يشهد تحولًا واضحًا، بفضل المبادرات الحكومية، والتشريعات الداعمة، والنماذج المشرفة التي تلهم الأخريات.
المرأة في الأردن: بين الواقع والطموح
في الأردن، قطعت المرأة شوطًا كبيرًا في ميادين التعليم، والمشاركة الاقتصادية، وحتى التمثيل السياسي، إلا أن طريقها في قيادة المؤسسات ما زال يواجه تحديات ملموسة. فبالرغم من ارتفاع نسب الإناث في الجامعات، ونسبة مشاركتهن في سوق العمل، إلا أن حضورهن في المناصب الإدارية العليا لا يزال محدودًا.
ومع ذلك، هناك مؤشرات إيجابية. فقد بدأت المؤسسات الأردنية، سواء الحكومية أو الخاصة، تعي أهمية التنوع القيادي، وضرورة تمكين المرأة، لما في ذلك من انعكاسات على جودة الأداء وابتكار الحلول. ومع وجود الإرادة السياسية الداعمة، وحركات التمكين المجتمعية، يمكن القول إن المرأة الأردنية باتت أقرب من أي وقت مضى لتحقيق طموحها في أن تكون شريكًا حقيقيًا في صياغة القرار، وركنًا أساسيًا في دفع عجلة التنمية المستدامة.
خاتمة:
المرأة في إدارة الأعمال ليست بديلاً لأحد، وليست ضيفة مؤقتة في قاعة الاجتماعات. إنها فاعلة، مؤثرة، وصاحبة رؤية. والتحديات مهما عظُمت، تظل صغيرة أمام عزيمتها، وفكرها، وطموحها.
فهي لا تنتظر الاعتراف، بل تفرضه بإنجازاتها. ولعلّ هذا الحضور المتنامي يؤكد أن الحديث عن المرأة في الإدارة لم يعد استثناءً، بل بات عنوانًا للمرحلة المقبلة.