في زمن تتناقص فيه النماذج الحقيقية، تبقى القامات الإعلامية الراسخة كمنارات تهدي الأجيال وتلهم العقول. واليوم، نكتب عن قامة إعلامية وطنية فريدة، جمعت بين العلم والالتزام، بين الثقافة العربية والألمانية، بين المهنية والإنسانية. إنه الأستاذ الدكتور هاشم السلعوس، أحد أبرز أعلام الصحافة والإعلام في الأردن والعالم العربي.
عرف الدكتور السلعوس بالجد والمثابرة والطموح، وصاغ مسيرته الأكاديمية والمهنية بإتقان، فكان أستاذًا للإعلام في جامعة اليرموك، وشغل مناصب رئيس قسم الصحافة والإعلام، وقسم الإذاعة والتلفزيون، كما تولى منصب نائب عميد كلية الإعلام سابقًا.
نال الدكتور السلعوس درجة الدكتوراه في علم الاتصال الجماهيري من جامعة برلين الحرة، بعد أن تنقل بين أعرق الجامعات الألمانية مثل جامعة هومبولت ومعهد بابلسبيرغ العالي للسينما والتلفزيون. وبذلك جمع بين النظرية والتطبيق، وبين المشرق والمغرب، لينقل خلاصة معرفته إلى أجيال من الإعلاميين، الذين أصبحوا اليوم من خيرة الكفاءات الإعلامية.
تميّز الدكتور السلعوس بكونه ليس إعلاميًا فقط، بل كاتبًا وشاعرًا وأكاديميًا قديرًا. له في رصيده أكثر من 72 بحثًا وورقة علمية، وستة كتب تعليمية في أساليب التعليم عن بُعد، إلى جانب مقالات وتحليلات قيّمة باللغتين العربية والألمانية. أحب اللغة العربية وعاشقًا لها، فأتقن استخدامها شعرًا وكتابة وأداءً.
درّس في عدد من الجامعات العربية، من بينها جامعة النجاح الوطنية في نابلس، جامعة القدس المفتوحة، وجامعة البترا في عمّان. كما عمل في ألمانيا مترجمًا معتمدًا لدى مكتب جامعة الدول العربية في بون (العاصمة السابقة لألمانيا الغربية)، وأسهم في التعليم الأكاديمي والترجمة هناك.
لا يُذكر اسم الدكتور السلعوس إلا مقترنًا بالقيم النبيلة. فهو الأستاذ والمعلم، والأب الحاني، والمثال الحي في العطاء الإنساني، حيث لم يتردد في دعم طلابه ماديًا ومعنويًا لإكمال تعليمهم، حتى بعد تقاعده. وشهادات طلابه وزملائه فيه تنطق بإجماع نادر على نُبل خلقه، وصدق عطائه.
تشرفت بمرافقته والزمالة معه خلال عملي في مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الألمانية (دويتشه فيله DW)، وكان نعم الأخ والزميل والصديق، المتواضع في حضوره، الكبير في أثره.
وللدكتور السلعوس رأي رصين في التعليم عن بُعد، حيث يرى أن نجاحه مرهون بقدرة المدرس على إعداد محاضرات مخصصة لهذا النمط، وتهيئة نفسية حقيقية للطرفين، إضافة إلى لقاءات دورية بين المدرس وطلابه، وتوفير بيئة تقنية قوية وشبكة إنترنت مستقرة.
في الختام، أرفع تحية احترام وتقدير لهذه القامة الإعلامية الفذّة، الأستاذ الدكتور هاشم السلعوس، متمنيًا له دوام الصحة والعطاء. وإلى لقاء قادم مع قامة إعلامية أخرى تستحق أن تُروى حكايتها.