في هذه اللحظات التي يئن فيها الحجر قبل البشر، وتتساقط دموع السماء حزنًا عليكم، لا أجد كلماتٍ تسعفني لتعبر عن مشاعر كل أردني وأردنية تجاهكم، أنتم الذين صمدتم وما زلتم تصمدون، وأنتم الذين علمتم الدنيا كلها أن الكرامة لا تهزم مهما اشتدت المحن.
من هنا، من قلب الأردن النابض بالحب لكم، أكتب رسالتي، ممزوجةً بالدمع والفخر: أنتم عزتنا وكرامتنا، أنتم مرآتنا أمام العالم، أنتم صوت الحق الذي لا يصمت رغم الحصار، رغم الدمار، رغم الألم الذي لو قُسم على أهل الأرض جميعًا لأثقل كاهلهم. يا أهل غزة الأبية، يا من نقشتم أسماءكم في سجل البطولة بحروفٍ من نورٍ ودم، اعلموا أن قلوبنا معكم، دعواتنا تسبق أنفاسنا من أجلكم، وأرواحنا لا تهنأ إلا وأنتم بخير وأمان.
أنتم لستم وحدكم؛ نحن معكم بالدعاء، بالكلمة، بالموقف، وبالروح إن احتاج الأمر. أنتم ترسمون لنا اليوم معاني الكرامة الحقيقية، وتعلمون العالم دروس العزة بأفعالكم، لا بشعارات جوفاء. أنتم الجرح الذي يوجعنا ويحيينا في آنٍ واحد. أنتم الرسالة الأبدية أن للحق رجالًا لا ينكسرون، وللأرض أصحابًا لا يفرطون. في كل بيت أردني دعاء لكم، وفي كل قلب أردني نبض باسمكم، وفي كل سجدة دمعة من أجل نصركم وفرجكم.
أنتم لستم وحدكم، فقد امتدت جذوركم فينا كما امتدت جذور الزيتون المبارك في أرض فلسطين. أثبتُّم أن الاحتلال مهما ادعى القوة، يظل ضعيفًا أمام إرادة الأحرار. أنتم ملح الأرض وعطر السماء، أنتم قصة الشرف التي لا تنتهي.
إلى رجال غزة، ونسائها، وأطفالها، إلى جرحاها وشهدائها، إلى صامديها ومقاوميها، نقول: لكم في القلب مكان لا يزاحمه أحد، ولكم في الدعاء دعوات لا تنقطع، ولكم في الروح عهد لا يخون.
ختامًا من مواطنة أردنية عاهدت نفسها أن تبقى تردد اسمكم بالدعاء، وأن تبقى القضية في صدرها حية لا تموت صبرًا يا غزة، فإن بعد الليل فجر، وبعد الألم نصر، وبعد البكاء فرح بإذن الله. أنتم الأمل حين يغيب الأمل، أنتم السند حين يتصدع السند، أنتم الكلمة الصادقة حين يصمت الكل.