تترك الفنون بكافة اشكالها ( نوستالجيا )الحنين الى الماضي أثرا في الوجدان الإنساني الذي يرمز ذكرياته ومراحل حياتة بربطها بمعاني جمالية وصور فنية متعددة كي تبقى حبيسة صنادق الذات ولا شك ان الموسيقى والغناء من اهمها باعتبارها وحدة مركبة كلاما ولحنا وتوزيعا وغناء , فتسهم كل تلك المعطيات بارساء رفوف الذكريات الفطرية , وباعتباري من جيل الثمانينيات ونشأت على الاعمال الغنائية التي سادت في الثمانينيات والتسعينيات , رغم انني لست من مستمعي الاغاني الخليجية سوى بعض الاعمال التي لاقت رواجا في تلك الفترة ,, وفي مقالي هذا اتناول انموذجا انسانيا وفنيا واخلاقيا ذاع صيته كناقل لمعاناة العاشقين ووصف الحب والفراق والعتب وعبر عن تجارب الملايين ممن مروا بتجارب العشق والحب , الفنان السعودي القدير خالد عبد الرحمن رغم انني احببت شخصيته الفطرية اكثر منه مطربا وفنانا , اذ لامست من خلال حفله الاخير في مهرجان جرش كمية الشغف والتعطش لسماع اغنيات الحب والهجر والمعاناة التي جسدها عبد الرحمن في اغنياته , رغم تغير المناخ الغنائي وتعدد الاذواق في الوطن العربي ورغم ثورات السوشال ميديا والكم الهائل من الفنانين والمطربين الذين ظهروا في العشرين سنة الاخيرة , الا ان عبد الرحمن ما زال يحافظ على مكانته وما زال يعبر عن حالات الحب العذري والعفة والكبرياء وعن معاناة العاشق المكلوم الذي فارق حبيبته وعاش في منفى المحبين الذين لم ينسوا حكايات حبهم وعشقهم , فكان الحفل الاخير دليلا ان المجتمع العربي ما زال يبحث عن نماذج فنية تنقل تجاربه وتذكره بأيام الزمن الجميل ,, فعبد الرحمن في القرن الحادي والعشرين ما زال متقدا في عالم العشق والمفردة الجزلة والمشاعر الانسانية التي جمعينا افتقدناها في وقتنا الحالي , وما يكمل هذه الحكايات هو تعلقة بالطبيعة الكونية من صحارى وفيافي وممارسته للعادات الاصيلة التي اعتاد عليها العرب مثل الصيد ورحلة الخلاء , وان دل ذلك على شيء انما دل على انسان ما زال على فطرته وسجيته , يقدم تجربته الخاصة وتجارب الاخرين في لوحة فنية لا تخلو من الشجن ومن الحب العذري الذي كان سمة العرب ,, في عالم الانفتاح والثورات المعرفية ما زال عبد الرحمن رجلا محبا لذاته وللآخرين ويقدم ارثا فنيا مليئا بالابداع والجمال والقيمة ...