يقـوم الحاكم الإداري بالعديد من المهام والواجبات المسندة إليه بمقتضى التشريعات النافذة، التي تتوزع إلى أصناف متعددة منها أمنية واقتصادية وتنموية واجتماعية.
ولكن بحكم الموقع المتقدم للحاكم الإداري في الدولة، وبالأخص المحافظ الذي يعتبر من الفئة العليا من الوظائف العامة، وباعتباره رئيس الإدارة العامة ويتولى قيادة الأجهزة الرسمية والإشراف على قيامها بمهامها، فإن وظيفة الحاكم الإداري تعتبر وظيفة ذات صبغة سياسية لا تتقيد بالمفهوم الإداري الصرف لعمل الموظف العام.
وتظهـر المعاني القانونية لوظيفة الحاكم الإداري السياسية في قانون اللامركزية، إذ تـُسند المادة 3 منه للحاكم الإداري مهمة متابعة تنفيذ السياسة العامة للدولة واتخاذ ما يلزم لقيام الجهات المعنية بمراعاتها وقيام دوائر الدولة ومؤسساتها بأعمالها وتنفيذها للقوانين والأنظمة والتعليمات والبلاغات والتوجيهات الرسمية، بالإضافة لالتزامه بأي صلاحيات أو مهام يكلفه بها مجلس الوزراء أو رئيس الوزراء، وتتسم الكثير من هذه المهام بالصبغة السياسية لارتباطها بتوجهات الحكومة في إدارة شؤون الدولة.
وبالمقابل، يلتزم مديرو الدوائر الحكومية والمؤسسات العامة قانونا بالتعليمات الصادرة عن المحافظ ويعتبرون مسؤولين أمامه عن تنفيذها، تفعيلا للمعنى السياسي لعمل المحافظ.
تتعمـق ملامح هذه الوظيفة السياسية في نظام التشكيلات الإدارية، الذي يطلب من المحافظ عقد اجتماعا شهريا على الأقل لمتصرفي الألوية ومدراء الأقضية لاستعراض ودراسة الشؤون العامة في المحافظة واتخاذ الإجراءات المناسبة بشأنها، وبالتوازي يطلب من المتصرفين ومدراء الأقضية عقد اجتماعات مماثلة. كما يعقد وزير الداخلية اجتماعات دورية للمحافظين لاستعراض الأحوال العامة في محافظاتهم ودراسة القضايا العامة في المملكة أو في كل محافظة، ويـُرفع تقرير عما تم بحثه في الاجتماع الى رئيس الوزراء إذا استدعت الضرورة. وتعبـّر هذه الاجتماعات عن الطبيعة السياسية لوظيفة الحاكم الإداري، فهو المعني بالشأن العام للدولـة، وعليه دراسة القضايا العامة ومعالجتها أو اقتراح الحلول الملائمة انطلاقا من موقعه السياسي.
ويـُعد انعكاسا لملامح الوظيفة السياسية للحاكم الإداري اعتباره الجهة المرجعية في تطبيق أحكام قانون الاجتماعات العامة، الذي يعرف الاجتماع العام أنه الاجتماع الذي يتم عقده لبحث أمـر ذي علاقة بالسياسة العامة للدولة، إذ يتصرف الحاكم الإداري مع هذه الاجتماعات من منطلقات سياسية. كما أن الإلزام القانوني لكبار موظفي الدولة وممثلي البعثات الدبلوماسية والمنظمات الدولية والإقليمية الذين يفدون إلى المحافظة بعمل رسمي إشعار المحافظ بزيارتهم لها، ينضوي على تجسيد للطابع السياسي لموقع المحافظ.
وتتكـرس عمليا مظاهر الوظيفة السياسية للحاكم الإداري، بالفكرة الراسخة أن المحافظ هو ممثل السلطة السياسية وجزء منها، ويتم التعامل معه من قبل المواطنين من جهة ومن قبل سلطات الدولة من جهة أخرى انطلاقا من هذه الفكرة.
وبمقتضا يساهم الحاكم الإداري، بالأخص المحافظ، بصياغة توجهات الدولة ورسم سياستها وفقا لتقديراته ورؤيته للملامح العامة في منطقته بشكل خاص وفي المملكة بشكل عام، على أن يـُحاط ذلك بالموضوعية والتجرد من أي توجه شخصي. كما يشارك بتحمل مسؤولية إدارة شؤون الدولة ونشر أفكارها والدفاع عن سياساتها وقراراتها. ويتولى الحاكم الإداري من جهة أخرى متابعة تنفيذ سياسة الدولة العامة، وقيادة الأجهزة الرسمية في تنفيذ هذه السياسة.
إن إضفاء الطابع السياسي على عمل الحاكم الإداري وعدم اقتصاره على دوره التنفيذي، يـُلقي على الحاكم الإداري مسؤولية كبيرة في متابعة أحوال الدولة، وفهم سياساتها الداخلية والخارجية ومعرفة توجهاتها العامة بالشؤون المختلفة. بالإضافة إلى متابعة المستجدات الدولية والإقليمية والمواقف من القضايا التي تخص الدولة الأردنية، وذلك كي يتمكن الحاكم الإداري من التصـدي لوظيفته السياسية بكفاءة واقتدار، التي تنعكس في جوانب عمله المتنوعـة.