تكثرُ الطرق المعوجَّة والملتوية في حياة كثيرين من بني البشر فيزيغُون عن طريق الحق والصواب ويبتعدون عن نبع الحياة الأبدية التي تتجلى بكلمة الله الحية الفعالة والتي تشكل عنوانا لا بل طريقاً مستقيماً يقود حياتنا نحو شاطئ الأمان والسعادة والفرح (مز٧:١٠٧).
ولو تتبعنا حياة كثيرين من بني البشر لوجدناها تتكدس بالإعوجاجات والطرق الملتوية التي لا تشكل طريقاً مستقيماً وصراطاً نحو محبة الله التي تعمّ بشمولها جميع بني البشر بعرضها وطولها وعلوها وعمقها، فرحمة الله هي واسعة جداً وإلى جيل الأجيال للذين يتقونه وللذين يسيرون بموجب كلمته التي هي مصباح ونور " سراج لرجلي كلامك ونور لسبيلي".
ومثل هذه الطرق المعوجّة والملتوية تحتاج إلى تصحيح وإلى اصلاح كما يصلح الإنسان ضعف بصره ويصححه عند طبيب العيون فيعودَ يرى الأشياء بأبعادها الحقيقية وبجمالها كما تبدو، فتصبحَ طريق حياته مستوية ومستقيمة، وعلى دربها نقدر أن نكتشف معاً إنسانيتنا وقيمنا الروحية التي تجمعنا جميعاً في بيتنا الإنساني المشترك، فننزع عنا كلّ تعصًب وكل أنانية وكل كراهية وكل تزمّت، فنجتمع كلنا على كلمة سواء فيما بيننا لأننا جميعناً أبناء إله واحد وربّ واحد خالق السماء والأرض الذي يريد أنَّ جميع الناسَ أن يقبلوا إلى معرفة الحق وإلى الطريق المستقيم التي تمنح الحياة والنجاة والسعادة.
فمن لا تستقيم حياته بِهَديِ الله سيبقى يعيش في صحراء قاحلة حيث الجوع والعطش والتيهان والخوف من المجهول والخوف من الوحوش الضارية التي تظهر في أية لحظة، ولكن عندما يهدينا الله ونسير في صراته المستقيم عندها تستقر حياتنا في مدينة الحب والسلام والنعمة والبركة، وعندها ترتوي نفوسنا العطشى من مياه سماوية تختلف عن مياه العالم التي لا تُروي من عطش لأنها تحمل شوائب وأفكار وتعاليم غريبة وغير نقية أحياناً، وعندها أيضاً تشبع نفوسنا شبعاً حقيقياً بأمور جميلة كثيرة وأعمال صالحة وخبرات تملئ كأس حياتنا مِلئاً رياً ويغمرنا سعادة قلبية تفوق الوصف.
لذلك، فإننا مدعويين إن نبحث عن الصراط المستقيم لأنَّه الطريق الذي يؤدي بنا إلى السير في طريق الحياة بكل ما تحمل من معاني الحب والجمال والقوة والفرح، ويبقى البديل هو الضياع والتشتت والتيهان والجوع والعطش والفشل.