تتابع الأوساط الدبلوماسية في المملكة الأردنية الهاشمية، والوطن العربي والعالم عن كثب، ما سيسفر عنه لقاء جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين كأول زعيم عربي يلتقي رسميا مع الإدارة الأمريكية الجديدة بزعامة الرئيس الأميركي جون بادين منذ توليه رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، وهو اللقاء الذي سيعقد في البيت الأبيض بواشنطن في التاسع عشر من الشهر الجاري.
مراقبون لتطور الأوضاع السياسية في الشرق الأوسط يرون ان هذا اللقاء، يعد ثمرة لجهود وتحركات جلالته، في التصدي لمحاولات الضغط التي مورست وما زالت تمارس على الأردن، لا سيما خلال حقبة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، بغية تهميش وإضعاف الدور الأردني، اتجاه القضايا العربية المصيرية وبشكل خاص، القضية الفلسطينية، ومحاولة زعزعة المكانة السياسية للدولة الأردنية، كلاعب محوري في مختلف قضايا المنطقة، وموقفه الصارم اتجاه الوصاية الهاشمية الشرعية على المقدسات الإسلامية والمسيحية، في القدس الشريف، وبالتالي محاصرة السياسة الأردنية في أضيق الزوايا، بهدف الرضوخ لهذه الضغوط والإملاءات، التي حيكت لتمرير ما يسمى صفقة القرن التي اعلن جلالته موقفه الثابت منها شكلا ومضمونا.
ورشحت تقارير إعلامية أن الزيارة ستشهد بحث العديد من الموضوعات الاستراتيجية وفي مقدمتها، بحث ملف العلاقات الثنائية وبرنامج المساعدات الاقتصادية والعسكرية إضافة إلى بحث ملف الأوضاع في فلسطين ومحور الارتكاز الرئيسي للحل( حل الدولتين) بالإضافة إلى بلورة تفاهم لمستقبل العلاقات التاريخية للأردن مع الولايات المتحدة الأمريكية.
هذا ويتطلع الأردن إلى الإدارة الأمريكية، كشريك رئيسي، في موضوع حل الدولتين، والابتعاد عن محاولات فرض إيقاع (الأمر الواقع) التي مارستها الإدارة الأمريكية السابقة والتعقيدات التي وضعتها في طريق السلام ولكنها باءت بالفشل.
ونظرا للأهمية الاستراتيجية للدور الأردني، في استقرار المنطقة، وإخراجها من أزماتها، فان برنامج المساعدات الأمريكية سيكون أيضا على طاولة البحث، لا سيما أن جلالة الملك يتمتع بعلاقة شخصية مع الرئيس الأمريكي بايدن، مما سيسهل إيضاح التحديات التي تواجه الأردن، مما يستدعي مواصلة وتعظيم برنامج المساعدات بشكل أوسع واكبر، لا سيما مع اختلال خريطة الأدوار في الإقليم، وهذا يستدعي من الولايات المتحدة، أن تدفع باتجاه اردن قوي اقتصاديا، وفتح أسواق جديدة في السوق الأميركي لتصدير المنتج الأردني بميزة تفضيلية.
برنامج اجتماعات حافل باللقاءات الهامة سيجريها جلالته، مع صناع القرار وأركان القيادة الأمريكية، في مجلس الشيوخ ولجانه المتعددة، من اجل دور محوري أميركي متوازن، في سياق جهود العالم لتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة عموما.
وسيسعى جلالته إلى توضيح دور المملكة حيال قضايا اللجوء، وهي ازمه ما زالت قائمة، ومعها تتزايد الحاجة للإغاثة والعون، في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يشهدها الأردن حاليا، نظرا لتكريس قدراته لمجابهة التداعيات الاقتصادية والصحية والاجتماعية، الناجمة عن كلفة الحرب على فيروس كورونا، التي ما زالت رحاها دائرة إلى اليوم.
أن مساعي جلالته للتصدي لجميع التحديات، التي تواجه الأردن والمنطقة، متواصلة على مختلف المنابر الدولية، للوصول إلى حل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ارتكازا على حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، بقيام دولته المستقلة ذات السيادة والقابلية للحياة، على خطوط الرابع من حزيران 1967، وهذه المساعي تشكل فرصة ثمينة لتحقيق سلام حقيقي وعادل، مع ضمان الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف دون تفريط أو مساس .
ندعو الله انني تتكلل جهود الزعامة الهاشمية خلال هذه الزيارة بالتوفيق والنجاح، لإعادة توجيه البوصلة إلى وجهتها الأصيلة، وبما يرسخ مكانة جلالة الملك كزعيم عربي قوي، لا يتوانى عن التصدي للدفاع عن قضايا الأمة، والإنسانية كلاعب رئيسي ومحوري، فرض مكانته عن جدارة في صدارة المشهد السياسي بحنكة ودبلوماسية تميزت بها ببراعة المدرسة الهاشمية.