تبرز أهمية السياحة بمختلف أنماطها باعتبارها رافدا اقتصاديا هاما للمجتمعات المحلية وللاقتصاد الوطني عموما، وتعد السياحة استثمارا ناجحا يمكن تطويرها بشكل أفضل من خلال تطوير استراتيجيات وزارة السياحة، بحيث يتم إدخال أنماط سياحية جديدة؛ مثل السياحة الدينية وسياحة المغامرات والسياحة الصحراوية، ورغم أن السياحة الدينية في الأردن موجودة بحكم المواقع الدينية المقدسة لدى اتباع الديانات السماوية، إلا أنها تحتاج مزيدا من التطوير والإثراء، ويمكن إيجاد فرص سياحية جديدة ضمن السياحة الدينية؛ بحيث يتم خلق فرص استثمارية واعدة في العديد من محافظات المملكة.
ويتوفر في المملكة مواقع دينية كثيرة سواء مسيحية أو إسلامية، غير أن نسبة استثمار تلك المواقع، وتطويرها وتوفير الخدمات اللازمة لاستقطاب السياح في هذا المجال لا زالت متواضعة، وهذا ما يدعونا الى اعادة النظر باستراتيجيات وزارة السياحة والعمل على تعديلها لتخدم التطلعات المستقبلية في تعزيز أنماط السياحة المختلفة، سواء السياحة الدينية أو الصحراوية أو سياحة المغامرات والسياحة العلاجية وغيرها، ولأن السياحة الوطنية عملية غير مستدامة بحسب التجربة الوطنية، فإن التنوع في السياحة سيخلق نوعا من الاستدامة والتوازن، كما يمكن دراسة أنشطة العرض والطلب لكل نمط في كل محافظة.
ويأتي السؤال كيف يمكن أن نطور السياحة الدينية في المملكة؟ بحيث تصبح نمطا مأهولا بمستوى عال يحقق تنمية مقبولة نسبيا، هذا السؤال يحتاج منا إلى دراسة المواقع الدينية والاهتمام بها، وخصوصا تلك المواقع التي يمكن أن تحقق نسبا عالية من الزوار والضيوف، والبدء بتأهيلها وتطوير بنيتها التحتية، ورفدها بالخدمات اللائقة والجاذبة، وتأسيس أسواق سياحية متكاملة الخدمات في تلك المواقع، وهذا الأمر ليس بالسهل لكنه ممكن التحقق في حال توفرت الإرادة الرسمية بذلك، ويمكن ربط هذه المواقع سواء مقامات أو مزارات أو مواقع مقدسة بمسارات سياحية ضمن جغرافيا المنطقة، بما يحقق تدفقا مناسبا للسياح يحقق الجدوى المطلوبة، كما يقتضي ذلك العمل على الترويج للمواقع الدينية من خلال الخدمات الإعلانية والإعلامية المتطورة، ويمكن اثراء تلك السياحة من خلال ربطها بأنواع السياحة الأخرى مثل زيارة المواقع الأثرية والطبيعية والتاريخية والترفيهية.
وانطلاق مما سبق فإنه يمكن العمل على صياغة رؤية متكاملة لتطوير مفهوم السياحة الدينية وفق شروط عدة منها؛ مدى تحقيق الجدوى الاقتصادية على المستوى الوطني، ورفد اقتصاد المجتمعات المحلية بشكل مقبول، ومدى القدرة على التعامل مع التحديات الناتجة مثل النمو الحضري والديمغرافي والتبادل الثقافي، ومدى توفر شروط السلامة العامة، ومدى القدرة على توفير شروط استثمارية مشجعة في هذا القطاع.